عدم صورة التوكل، وعدم نسبة الفعل للقضاء والقدر، أما في القربات كهذا الحديث فهذا المعنى منتفٍ فلا كراهة فيه.
وقوله:"لا يحل مني حرام" بحسر حاء يحل، أي: شيء حرام، والمعنى: لا يحل مني ما حرم علي، وفي رواية مسلم: لا يحل مني حرامًا بالنصب على المفعولية، وعلى هذا يقرأ يحل بضم أوله والفاعل محذوف تقديره: لا يحل طول المكث ونحو ذلك مني شيئًا حرامًا حتى يبلغ الهدي محله، أي: إذا نحو يوم مني، وقد مرَّ باقي الكلام عليه عند حديث حفصة الذي قبله بحديث.
وقوله: قال أبو عبد الله: أبو شهاب ليس له حديث مسند إلا هذا، أي: لم يرو حديثًا مرفوعًا إلا هذا الحديث، قال مغلطاي: كأنه يقول: من كان هكذا لا يجعل حديثه أصلاً من أصول العلم، وما قاله لا يضره إذا كان موصوفًا بصفة من يصحح حديثه، ثم كلام مغلطاي محمولٌ على ظاهر الإطلاق، وقد أجاب غيره بأنه مقيد بالرواية عن عطاء، فإن حديثه هذا طرف من حديث جابر الطويل الذي انفرد مسلم بسياقه عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جابر، وفي هذا الطرف زيادة بيان لصفة التحلل من العمرة، ليس في الحديث الطويل حيث قال فيه:"أحلوا من إحرامكم بطواف البين وبين الصفا والمروة وقصروا ثم أقيموا حلالاً إلى يوم التروية وأهلُّوا بالحج".
ويستفاد منه جواز جواب المفتي لمن سأله عن حكم خاص بأن يذكر له قصة مسندة مرفوعة إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- تشتم على جواب سؤاله، ويكون ما اشتملت عليه من الفوائد الزائدة على ذلك زيادة خير، وينبغي أن يكون محله ذلك لائقًا بحال السائل.
رجاله أربعة قد مرّوا:
مرَّ أبو نعيم في الخامس والأربعين من الإيمان، ومرَّ أبو شهاب في التاسع والأربعين من الزكاة، ومرَّ جابر في الرابع من بدء الوحي.