[باب أخذ الصدقة من الأغنياء وترد في الفقراء حيث كانوا]
قول المصنف: حيث كانوا، يشعر بأن اختياره أنها لا تنقل من بلد وفيه من هو متصف بصفة الاستحقاق، وقد أجاز النقلَ الليثُ وأبو حنيفة وأصحابهما، ونقله ابن المنذر عن الشافعيّ، واختاره. والأصح عند المالكية والشافعية والجمهور تركُ النقل، فلو خالف ونقل أجزأ عند المالكية على الأصح، ولم تجز عند الشافعية، على الأصح، إلا إذا فُقِد المستحقون لها. وقد مرّ مذهب مالك عند أول حديث من كتاب الزكاة هذا.
وقوله: فترد على فقرائهم، ظاهر في أن الصدقة ترد على فقراء من أُخذت من أغنيائهم. وقال ابن المنير: اختار البخاريّ جواز نقل الزكاة من بلد المال لعموم قوله "فترد في فقرائهم" لأن الضمير يعود على المسلمين، فأي فقير منهم ردت فيه الصدقة في أي جهة كان، فقد وافق عموم الحديث. ومرّ قريبًا أن ترجمته يفهم منها عكس هذا، والذي يتبادر إلى الذهن من هذا الحديث، عدمُ النقل، وأن الضمير يعود على المخاطَبين، فيختَصَّ بذلك فقراؤهم، لكن رجّح ابن دقيق العيد الأول، وقال: إنه وإن لم يكن الأظهر، إلا أنه يقوّيه أن أعيان الأشخاص المخاطَبين في قواعد الشرع الكُلية لا تعتبر في الزكاة، كما لا تعتبر في الصلاة، فلا يختص بهم الحكم، وإن اختص بهم خطاب المواجهة.
وهذا الحديث قد مرّت مباحثه مستوفاة عند ذكره أول حديث من كتاب الزكاة هذا، إلا ما في