رواه ابن عمر عن بلال، ويجعل نفي ابن عباس الصلاة في الكعبة في حجته التي حج فيها؛ لأن ابن عباس نفاها، وأسنده إلى أسامة، وابن عمر أثبتها وأسند إثباته إلى بلال وإلى أسامة، فهذا حمل الخبر على ما وصفنا بطل التعارض، وهذا جمع حسن، لكن تعقبه النّوويّ بأنه لا خلاف أنه -صلى الله عليه وسلم- دخل في يوم الفتح لا في حجة الوداع، ويشهد له ما رواه في كتاب مكة عن سفيان، عن غير واحد من أهل العلم، أنه -صلى الله عليه وسلم- إنما دخل الكعبة مرة واحدة عام الفتح، ثم حج فلم يدخلها، وإذا كان الأمر كذلك فلا يمتنع أن يكون دخلها عام الفتح مرتين، ويكون المراد بالواحدة التي في خبر ابن عيينة وحدة السفرة لا الدخول. وقد وقع عند الدارقطنيّ من طريق ضعيفة ما يشهد لهذا الجمع.
وقوله في قُبُل الكعبة، بضم القاف والموحدة، وقد تسكن، أي مقابلها، أو ما استقبلك منها، وهو وجهها، وهذا موافق لرواية ابن عمر السالفة. وقوله: هذه القبلة، الإشارة إلى الكعبة، قيل: المراد بذلك تقرير حكم الانتقال عن بيت المقدس. وقيل: المراد أن حكم من شاهد البيت وجوب مواجهة عينه جزمًا بخلاف الغائب. وقيل: المراد أن الذي أمرتم باستقباله ليس هو الحرم كله، ولا مكة، ولا المسجد الذي حول الكعبة، بل الكعبة نفسها. والإشارة إلى وجه الكعبة أي هذا موقف الإِمام، ويؤيده ما رواه البزار عن عبد الله بن حَبَشي الخثعميّ قال: رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يصلي إلى باب الكعبة وهو يقول "أيها الناس، إن الباب قبلة البيت" وهو محمول على الندب لقيام الإِجماع على جواز استقبال البيت من جميع جهاته، والسر في إيراد حديث ابن عباس في هذا الباب هو ما رواه الطبرانيّ وغيره عنه أنه قال: ما أحب أن أصلي في الكعبة، مَنْ صلى فيها فقد ترك شيئًا منها خلفه.
[رجاله خمسة]
الأول: إسحاق بن نصر، وقد مرّ في الحادي والعشرين من كتاب العلم.
والثاني: عبد الرزاق بن همام، وقد مرّ في الخامس والثلاثين من كتاب