وقول الله تعالى:{وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ} إلى قوله {إِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا}.
ثبت لفظ أبواب للمستملي وأبي الوقت، وفي رواية الأصيلي وكريمة باب بالإفراد وسقط للباقين، وثبت سياق الآيتين بلفظهما إلى قوله {مُهِينًا} في رواية كريمة، واقتصر في رواية الأصيلي على إلى أن تقصروا من الصلاة، وقال إلى "قولهَ {عَذَابًا مُهِينًا}.
وأما أبو ذر فساق الأولى بتمامها. ومن الثانية إلى قوله معك، ثم قال إلى قوله:{عَذَابًا مُهِينًا}.
قال الزين بن المنير: ذكر صلاة الخوف إثر صلاة الجمعة؛ لأنها من جملة الخمس، لكن خرج كل منهما عن قياس حكم باقي الصلوات، ولما كان خروج الجمعة أخف قدمه تلو الصلوات الخمس وعقبه بصلاة الخوف؛ لكثرة المخالفة ولاسيما عند شدة الخوف، وساق الآيتين في هذه الترجمة مشيرًا إلى أن خروج صلاة الخوف عن هيئة بقية الصلوات ثبت بالكتاب قولًا وبالسُّنة فعلًا، ولما كانت الآيتان قد اشتملتا على مشروعية القصر في صلاة الخوف وعلى كيفيتها، ساقهما معًا وآثر تخريج حديث ابن عمر لقوة شبه الكيفية التي ذكرها بالآية.
ومعنى قوله:{وَإِذَا ضَرَبْتُمْ} أي سافرتم. ومفهومه أن القصر مختص بالسفر، هو كذلك. وقوله:{أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ} أي: بتنصيف ركعاتها ونفي الحرج فيه يدل على جوازه لا على وجوله، ويؤيده أنه عليه الصلاة والسلام أتم في السفر، وإلى كونه جائزًا ذهب الشافعي، وأوجبه أبو حنيفة، واستدل الشافعي بما رواه مسلم والأربعة عن يعلي بن أمية قال: "قلت لعمر بن الخطاب -رضي الله تعالى عنه- قال الله تعالى:{فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ إِنْ خِفْتُمْ} فقد أمن الناس، قال: عجبت مما عجبت منه فسألتُ رسولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- فقال: صدقةٌ تصدَّقَ اللهُ بها عليكم فاقبلوا صدقتَهُ". فقد علق القصر بالقبول وسماه صدقة والمتصدق عليه غير في قبول الصدقة، فلا يلزمه القبول حتمًا واستدل الحنفية بقول عمر المروي في النسائي وابن ماجه وابن حبان صلاة السفر ركعتان تام غير قصر على لسان نبيكم وبقول عائشة -رضي الله تعالى عنها- المروي عند الشميخين: "أولُ ما فرض الصلاة فُرضتْ ركعتين فأُقرتْ في السفر وزيدتْ في الحضر". وبحديث ابن عباس عند مسلم قال: "فرضَ اللهُ الصلاةَ على لسانِ نبيِّكُم في الحضرِ أربعَ ركعاتٍ، وفي