قوله:"عن الجدر" بفتح الجيم وسكون المهملة للأكثر، وفي رواية المستملي الجدار، قال الخليل: الجدر لغة في الجدار، ووهم من ضبطه بضمها لأن المراد الحجر، ولأبي داود الطيالسي عن أبي الأحوص: الجدر أو الحجر بالشك، ولأبي عوانة عن الأشعث: الحجر بغير شك.
وقوله:"أمن البيت هو؟ " قال: نعم، هذا ظاهره أن الحجر كله من البيت، وكذا قوله في التي بعد هذه "أن أدخل الجدر في البيت" وبذلك كان يفتي ابن عباس، فقد روى عبد الرزاق عنه أنه قال: لو وليت من البيت ما ولي ابن الزبير لأدخلت الحجر كله في البيت، فلم يطاف به إن لم يكن من البيت، وروى الترمذي والنسائي عن عائشة، قالت: كنتُ أُحب أن أصلي في البيت فأخذ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بيدي فأدخلني الحجر، فقال:"صل فيه فإنما هو قطعة من البيت ولكن قومك استقصروه حين بنوا الكعبة فأخرجوه من البيت"، ونحوه لأبي داود عنها وأبي عوانة أيضًا، ولأحمد عنها، وفيه أنها أرسلت إلى شيبة الحجبي ليفتح لها البيت بالليل، فقال: ما فتحناه في جاهلية ولا إسلام بليل، وهذه الروايات كلها مطلقة، وقد جاءت روايات أصح منها مقيدة منها لمسلم عنها في حديث الباب حتى أزيد فيه من الحجر، وله من وجه آخر عنها:"فإن بدا لقومك أن يبنوه بعدي فهلمِّي لأُريك ما تركوا منه فأراها قريبًا من سبعة أذرع"، وله عن عبد الله بن الزبير عنها في هذا الحديث وَزِدت فيها من الحجر ستة، وسيأتي في آخر الطريق الرابعة عن عروة أنه أراه لجرير بن حازم فحزره ستة أذرع أو نحوها، ولسفيان بن عيينة في "جامعه" عن مجاهد أن ابن الزبير زاد فيها ستة أذرع مما يلي الحجر، وله أيضًا عن ابن الزبير ستة أذرع وشبر، وهكذا ذكر الشافعي عن عدد لقيهم من أهل العلم من قريش، كما أخرجه البيهقي في "المعرفة" عنه، وهذه الروايات كلها تجتمع على أنها فوق الستة ودون السبعة، وأما رواية عطاء عند مسلم عن عائشة مرفوعًا:"لكنت أدخل فيها من الحجر خمسة أذرع" فهي شاذة، والرواية السابقة أرجح لما فيها من الزيادة عن الثقات