فيه التحديث بصيغة الجمع في موضعين، والعنعنة في ثلاثة مواضع، ورواته ما بين بصريّ ومكيّ ومدنيّ، أخرجه هنا وفي الطهارة عن آدم بن أبي إياس ومسلم وأبو داود والتِّرمذيّ والنسائيّ وابن ماجه في الطهارة أيضًا.
ثم قال: وعن الزُّهريّ عن عطاء: سمعت أبا أيوب عن النبي -صلى الله عليه وسلم- مثله، يعني بالإِسناد المذكور على الظاهر، والمراد أن سفيان حدث به عليًا مرتين؛ مرة صرح بتحديث الزُّهريّ له، وفيه عنعنة عطاء، ومرة أتى بالعنعنة عن الزُّهريّ وبتصريح عطاء بالسماع. وجزم الكرمانيّ بأن الرواية الثانية معلقة، وحمله على ما قلته أَوْلى، وقد وصله إسحاق بن راهويه في مسنده، والزُّهريُّ ومن معه مرّ قريبًا ذكر محلهم. ثم قال المصنف:
باب قوله تعالى {وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى}[البقرة: ١٢٥]
قوله: واتخذوا، بكسر الخاء على الأمر أو بفتحه على الخبر فعل ماض. والأُولى قراءة الجمهور، والثانية قراءة نافع وابن عامر. وتوجيه الأُولى هو أنه معطوف على ما تضمنه قوله {مثابة} كأنه قال: ثوبوا واتخذوا، أو معمول المحذوف، أي: وقلنا اتخذوا، ويحتمل أن يكون الواو للاستئناف وتوجيه الثانية هو أنه معطوف على "جعلنا" فالكلام جملة واحدة، وقيل: عطف على "وإذ جعلنا" فيحتاج إلى تقدير إذ، ويكون الكلام جملتين، وقيل على محذوف تقديره فثابوا، أي: رجعوا واتخذوا، والأمر دال على الوجوب، لكن انعقد الإجماع على جواز الصلاة إلى جميع جهات الكعبة، فدل على عدم التخصيص، وهذا بناء على أن المراد بمقام إبراهيم الحَجَر الذي فيه أثر قدمه، وهو موجود إلى الآن. وقال مجاهد: المراد بمقام إبراهيم الحرم كله. والأول أصح، وقد ثبت دليله عند مسلم من حديث جابر. ويأتي قريبًا عند المصنف من حديث عمر.