هذا التعليق وصله أحمد عن يعقوب بن إبراهيم بن سعد بالإسناد المذكور، ولفظه حدَّثنا عكرمة بن خالد ابن العاص المخزومي، قال:"قدمت المدينة في نفر من أهل مكة فلقيت عبد الله بن عمر فقلت: إنّا لم نحج قط أفنعتمر من المدينة"؟ قال: نعم وما يمنعكم من ذلك، فقد اعتمر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عمره كلَّها قبل حجه. قال: فاعتمرنا" قال ابن بطال: جواب ابن عمر يدل على أن مذهبه أن فرض الحج كان قد نزل على النبي -صلى الله عليه وسلم- قبل اعتماره، وذلك يدل على أن الحج على التراخي، إذ لو كان وقته مضيقًا لوجب إذا آخره إلى سنة آخره أن يكون قضاء، واللازم باطل، تعقبه ابن المنير بأن القضاء خاص بما وقت بوقت معين مضيق، كالصلاة، والصيام، وأما ما ليس كذلك فلا يعد تأخيره قضاء، سواء كان على الفور أو على التراخي، كما في الزكاة يؤخرها ما شاء الله بعد تمكنه من أدائها على الفور فإن المؤخر على هذا الوجه يأثم ولا يعد أداؤه بعد ذلك قضاء، بل هو أداء.
قلت: الظاهر عندي أن الزكاة وقتها معين مضيق، وهو وقت حلولها، وهو الوقت الذي ملك فيه النصاب، فلا يجوز تأخيرها عن دقيقة، ولذا كان بعض الصالحين يقدر لها الظل، فيكون تأخيرها عنه قضاء.
ومن ذلك الإِسلام واجب على الكفار على الفور، فلو تراخى عنه الكافر ما شاء الله، ثم أسلم لم يعد ذلك قضاء، ومن الصريح في الترجمة الأثر المذكور في آخر الباب الذي يليه، عن مسروق، وعطاء، ومجاهد، قالوا: اعتمر النبي -صلى الله عليه وسلم- قبل أن يحج، وحديث البراء في ذلك أيضًا.
رجاله أربعة:
مرَّ إبراهيم بن سعد في السادس عشر من الإيمان، ومرَّ محمد ابن إسحاق في تعليق بعد السابع عشر من الجماعة، وعكرمة هو ابن خالد، وقد مرَّ الآن، وكذا ابن عمر.
قد مرّوا: مرَّ عمرو بن علي في السابع والأربعين من الوضوء، ومرَّ أبو عاصم في أثر بعد الرابع من العلم، ومرَّ ابن جريج في الثالث من الحيض، وعكرمة بن خالد قد مرَّ في الذي قبله، ومرَّ فيه محل ابن عمر.