عن ابن عباس، وأما تقدير حلقوا فينظر في رأي عروة، فإن كان الحلق عنده نسكًا فيقدر في كلامه، إلا فلا.
وفي هذا الحديث استحباب الابتداء بالطواف للقادم لأنه تحية المسجد الحرام، واستثنى بعض الشافعية ومن وافقه المرأة الجميلة أو الشريفة التي لا تبرز فيستحب لها تأخير الطواف إلى الليل إن دخلت نهارًا، وكذا من خاف فوت مكتوبة أو جماعة مكتوبة أو مؤكدة أو فائتة فإن ذلك كله يقدم على الطواف، وذهب الجمهور إلى أن من ترك طواف القدوم لا شيء عليه، وعن مالك وأبي ثور من الشافعية: عليه دم، وهل يتداركه من تعمد تأخيره لغير عذر وجهان كتحية المسجد، وفيه الوضوء للطواف، وليس فيه دلالة على الاشتراط إلا إذا انضم إليه قوله عليه الصلاة والسلام:"خذوا عني مناسككم" وباشتراط الوضوء للطواف، قال الجمهور: وخالف فيه بعض الكوفيين.
ومن الحجة عليهم قوله -صلى الله عليه وسلم- لعائشة لما حاضت:"غير أن لا تطوفي بالبيت حتى تطهري"، وقد قال النووي في "شرح المهذب": انفرد أبو حنيفة بأن الطهارة ليست بشرط في الطواف، واختلف أصحابه في وجوبها وجبرانها بالدم إن فعله، وتعقب عليه بأنه لم ينفرد، فقد أخرج ابن أبي شيبة عن شعبة، قال: سألت الحكم وحمادًا ومنصورًا وسليمان عن الرجل يطوف بالبيت على غير طهارة، فلم يروا بأسًا به، وروي عن عطاء: إذا طافت المرأة ثلاثة أطواف فصاعدًا ثم حاضت أجزأ عنها، ويمكن أن يكون النووي أراد انفراده عن الأئمة الثلاثة، لكن عند أحمد رواية أن الطهارة للطواف واجبة تجبر بالدم، وكذلك عند المالكية.
رجاله ستة وفيه ذكر أبي بكر وعمر والزبير وأسماء، وقد مرَّ الجميع: مرَّ أصبغ وعمرو بن الحارث في السابع والستين من الوضوء، ومرَّ محمد بن عبد الرحمن في الثامن والثلاثين من الغسل، ومرَّ ابن وهب في الثالث عشر من العلم، ومرَّ الزبير في الثامن والأربعين منه، ومرت أسماء في الثامن والعشرين منه، ومرَّ أبو بكر في باب من لم يتوضأ من لحم الشاة بعد الحادي والسبعين من الوضوء, ومرَّ عروة وعائشة في الثاني من بدء الوحي، ومرَّ عمر في الأول منه. وفي الحديث فلان وفلان ولم أر من سماهما.
[لطائف إسناده]
فيه التحديث بالجمع والإخبار بالإفراد والعنعنة والذكر، رواته: بصريون ومدنيان، أخرجه مسلم في الحج.