وقوله:"ثم حججت مع أبي الزبير" كذا للأكثر، والزبير بالكسر بدل من أبي، وفي وراية الكشميهني: مع ابن الزبير، يعني أخاه عبد الله، قال عياض: وهو تصحيف، وسيأتي في الطريق الآتية بعد أربعة عشر بابًا مع أبي الزبير بن العوام، وكان سبب هذا التصحيف أنه وقع في تلك الطريق من الزيادة بعد ذكر أبي بكر وعمر ذكر عثمان، ثم معاوية وعبد الله بن عمر، قال: ثم حججت مع أبي الزبير فذكره، وقد عرف أن قتل الزبير كان قبل معاوية، وابن عمر، لكن لا مانع أن يحجا قبل قتل الزبير، فرآها عروة، أو لم يقصد بقوله، ثم الترتيب، فإن فيها أيضًا، "ثم آخر من رأيت فعل ذلك ابن عمر" فأعاد ذكره مرة أخرى، وأغرب بعض الشارحين فرجح رواية الكشميهني موجهًا لها بما ذكرته، وقد أوضحت جوابه بحمد الله تعالى.
وقوله:"وقد أخبرتني أمي" هي أسماء بنت أبي بكر، وأختها هي عائشة، واستشكل من حيث أن عائشة في تلك الحجة لم تطف لحيضها، وأجيب بالحمل على أنه أراد حجة أخرى غير حجة الوداع، فقد كانت عائشة بعد النبي -صلى الله عليه وسلم- تحج كثيرًا، وسيأتي إن شاء الله تعالى شيء من هذا في أبواب العمرة.
وقوله:"فلما مسحوا الركن حلوا"، أي: صاروا حلالًا، وقد مرَّ عند الترجمة وجه الجمع بينها وبينه، وتمام ما قيل في لفظ عروة هذا هو أن ابن التين قال: إن معنى قول عروة: مسحوا الركن، أي: ركن المروة، أي: عند ختم السعي، وهو متعقب برواية عبد الله مولى أسماء عن أسماء، قالت: اعتمرت أنا وعائشة والزبير وفلان وفلان، فلما مسحنا البيت أحللنا، أخرجه المصنف، وسيأتي في أبواب العمرة، وقال النووي: لابد من تأويل قوله: مسحوا الركن؛ لأن المراد به الحجر الأسود، ومسحه يكون في أول الطواف، ولا يحصل التحلل بمجرد مسحه بالإجماع، فتقديره: فلما مسحوا الركن وأتموا طوافهم وسعيهم وحلقوا وحلوا، وحذفت هذه المقدرات للعلم بها لظهورها، وقد أجمعوا على أنه لا يتحلل قبل تمام الطواف، ثم مذهب الجمهور أنه لابد من السعي بعده، ثم الحلق، وتعقب بأن المراد بمسح الركن الكناية عن تمام الطواف، لاسيما واستلام الركن يكون في كل طوفة، فالمعنى: فلما فرغوا من الطواف حلوا.
وأما السعي والحلق فمختلف فيهما كما قال، ويحتمل أن يكون المعنى: فلما فرغوا من الطواف وما يتبعه حلُّوا وأراد بمسح الركن هنا استلامه بعد فراغ الطواف والركعتين كما وقع في حديث جابر فحينئذ لا يبقى إلا تقدير وسعوا؛ لأن السعي شرط عند عروة بخلاف ما نقل