هذه الترجمة تقدمت في كتاب العلم، لكن بلفظ باب الفتيا، وهو واقف على الدابة، أو غيرها، ثم قال بعد أبواب كثيرة: باب السؤال والفتيا عن رمي الجمار، وأورد في كل من الترجمتين حديث عبد الله بن عمرو المذكور في هذا الباب، ومثل هذا لا يقع له إلا نادرًا، وقد اعترض عليه الإسماعيلي بأنه ليس في شيء من الروايات عن مالك أنه كان على دابة، بل في رواية يحيى القطّان عنه أنه جلس في حجة الوداع، فقام رجل، ثم قال الإسماعيلي: فإن ثبت في شيء من الطرق أنه كان على دابة، فيحمل قوله:"جلس" على أنه ركبها وجلس عليها، وهذا هو المتعين، فقد أورد هو رواية صالح بن كيسان بلفظ:"وقف على راحلته"، وهو بمعنى جلس، والدابة تطلق على المركوب من ناقة وفرس وبغل وحمار، فإذا ثبت في الراحلة كان الحكم في البقية كذلك، ثم قال الإسماعيلي: إن صالح بن كيسان تفرد بقوله: وقف على راحلته وليس كما قال، فقد قال ذلك أيضًا يونس عند مسلم، ومعمر عند أحمد والنسائي، كلاهما عن الزهري، وقد أشار المصنف إلى ذلك بقوله: تابعه معمر الآتي قريبًا أي: في قوله: وقف على راحلته.
أورد المصنف هذا الحديث عن عبد الله بن عمرو بن العاص -وما وقع في بعض نسخ العمدة، وشرح عليه ابن دقيق العيد من أنه ابن عمر بن الخطاب غلط- من أربعة طرق عن الزهري عن عيسى بن طلحة بن عبيد الله أحد العشرة عن عبد الله بن عمرو، ولم يوجد حديثه إلا بهذا الإسناد، واختلف أصحاب الزهري عليه في سياقه، وأتمهم سياق صالح بن كيسان، وهي الطريقة الثالثة، ولم يسق المصنف لفظها، وهي عند أحمد في مسنده، وفيه زيادة على سياق ابن جريج ومالك، وتابعه يونس عن الزهري عند مسلم بزيادة أيضًا سنبينها.