قوله:"أمرت" أي: أمرني الله، لأنه لا آمر لرسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم إلا الله، وقياسه في الصحابي إذا قال: أمرت، فالمعنى أمرني رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم، ولا يُحتَمَلُ أن يريد: أمرني صحابي آخر، لأنهم من حيث أنهم مجتهدون لا يَحْتَجّون بأمر مجتهد آخر، وإذا قاله التابعي احتمل والحاصل أن من اشتهر بطاعة رئيس إذا قال ذلك فُهم منه أن الآمر له هو ذلك الرئيس.
وقوله:"أن أُقاتل" أي: بأن أقاتل، وحذف الجار من أن كثير.
وقوله:"النّاس" أي: بمقاتلة الناس، وهو من العام الذي أُريد به الخاص، فالمراد بالناس المشركون غير المعاهدين منهم، دون أهل الكتاب, لأن أهل الكتاب يُكْتفى منهم بأحد الأمرين: الجزية أو الإِسلام، ويَدُلُّ على هذا الخصوص رواية النّسائي:"أُمِرْتُ أن أقاتل المشركين" والمعاهَدُ لا يُقاتل مدة المهادنة، والممتنع في ترك المقاتلة رفعُها لا تأخيرُها مدةً كما في المهادنة، أو يقال: إن المراد بالناس عموم الكفار، ووقع النسخ بأن يكون الإِذن بأخذ الجزية والمعاهَدة متأخرًا عن هذه الأحاديث، بدليل أنه متأخر عن قوله تعالى:{فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ}