هذا الحديث طريق من حديث أنس الذي في الباب قبله، وأبو معاوية شيخ المؤلف، وروى له هنا بواسطة، فكأنّه لم يسمعه منه، وإنما نزل فيه لما وقع في الإسناد من تصريح حُمَيد بتحديث أنس له، فأمن بذلك تدليسه. وقوله: وتراصّوا، بتشديد الصاد المهملة، أي تلاصقوا بغير خلل، ويحتمل أن يكون تأكيدًا لقوله "أقيموا صفوفكم" والمراد بأقيموا سووا، كما وقع عند الإسماعيليّ بدل أقيموا "اعتدلوا" وفيه جواز الكلام بين الإقامة والدخول في الصلاة، وقد مرَّ في باب مفرد، وفيه مراعاة الإمام لرعيته، والشفقة عليهم، وتحذيرهم من المخالفة، وفي سنن أبي داود وصحيح ابن حِبّان عن أنس "أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: رُصّوا صفوفكم، وقاربوا بينها، وحاذوا بالأعناق، فوالذي نفسي بيده إني لأرى الشيطانَ يدخل من خَلَل الصفوف، كأنه الحَذفُ" والحَذَفُ بالحاء المهملة والذال المعجمة محركة، غَنَمٌ صغار سود تكون باليمن، وفُسِّر بالنَّقَد، بالتحريك، وهو جنس من الغنم قصار الأرجل قباح الوجوه.
[رجاله خمسة]
مروا إلا معاوية بن عمرو، ومرَّ أحمد بن أبي رَجَاء في الثلاثين من الحَيْض، ومرَّ زائدة بن قُدَامَةَ في الثاني والعشرين من الغسل، ومرَّ حُمَيد الطَّويل في الثاني والأربعين من الإيمان، ومرَّ أنَسٌ في السادس منه.
وأما معاوية فهو ابن عمرو بن المُهَلَّب بن عمرو بن شَبيب الأزْدِيّ المَعْنِيّ الكوفيّ، أبو عمرو البَغْداديّ. ذكره ابن حِبّان في الثقات، وقال أحمد: صَدوق ثقة. وقال أبو حاتم: ثقة. وقال مُهَنّا بن يحيى: سألت أبا عبد الله عن خَلَف بن تميم، قلت له: كان مثل معاوية بن عمرو؟ قال: لا، فإنه أتقن في الحديث منه. وقال ابن مَعِين: كان شجاعًا، وكان يقال له ابن الكِرْمَانيّ. روى عن زائدة مصنفاته، وعن أبي إسحاق الفَزَاري كتابَ السير، ونزل بغداد.
روى عن زائِدَةَ بن قُدامَةَ وزُهَير بن معاوية وجَرِير بن حازم والمَسْعُودِيّ وغيرهم. وروى عنه البُخاريّ، وروى هو والباقون بواسطة عبد الله بن محمد المُسْنَدِيّ وأحمد بن أبي رَجاء ومحمد بن