قد مرّوا بهذا النسق في الثاني من بدء الوحي، والحديث أخرجه أبو داود وأخرجه مسلم من رواية علقمة بن وقاص عنها. وأخرجه النسائي من رواية الأسود عنها، وابن ماجه والنسائي من رواية عمرة عنها.
زاد في هذه الرواية عن الأولى: أنه كان يفعل ذلك في الركعة الثانية، كما أنه قيد في الأولى أنه لم يفعل ذلك إلاّ بعد أن أسن.
وقوله:"فإذا بقي من قراءته" فيه إشارة إلى إن الذي كان يقرؤه قبل أن يقوم أكثر؛ لأن البقية تطلق في الغالب على الأقل، ويؤخذ من الحديث تطويل القراءة في صلاة الليل، والأصح عند المالكية والشافعية أن تطويل القيام أفضل من تكثير الركوع والسجود مع تقصير القراءة، وكذلك عند الحنفية.
وقال أبو يوسف: إن كان له ورد من الليل فالأفضل أن يكثر عدد الركعات، وإلا فطول القيام أفضل. وقال محمد: كثرة الركوع أفضل. وقال بذلك بعض المالكية أيضًا. ومحل الخلاف عند المالكية مع اتحاد الزمن وإلا فالأطول زمنًا أفضل، سواء كان كثرة السجود أو طول القيام، واستدل القائلون بأفضلية طول القيام بما أخرجه مسلم عن جابر:"أفضل الصلاة طول القنوت" أي: القيام. ويحتمل أن يراد بالقنوت الخشوع، واستدل القائلون بأفضلية السجود بحديث ثوبان عند مسلم:"أفضل الأعمال كرة السجود" والذي يظهر أن ذلك يختلف باختلاف الأشخاص والأحوال.
وقوله:"فإن كنتُ يقظى تحدّث معي، وإن كنت نائمة اضطجع" وفي رواية التهجد: فإن كنت مستيقظة حدثني، وإلا اضطجع. وظاهر هاتين الروايتين أنه كان يضطجع إذا لم يحدثها، وإذا حدئها لم يضطجع، وإلى هذا جنح المصنف في الترجمة. حيث قال: في التهجد باب مَنْ تحدث بعد الركعتين، ولم يضطجع، وكذا ترجم له ابن خزيمة في ترك الاضطجاع بعد ركعتي الفجر، ويعكر على هذا ما وقع عند أحمد عن مالك عن أبي النضر في هذا الحديث: كان يُصلي من الليل