قال ابن بطال: إنما يكره ذلك خشية الملال المفضي إلى ترك العبادة.
[الحديث الحادي والثلاثون]
حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ صُهَيْبٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ: دَخَلَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- فَإِذَا حَبْلٌ مَمْدُودٌ بَيْنَ السَّارِيَتَيْنِ فَقَالَ: مَا هَذَا الْحَبْلُ؟. قَالُوا: هَذَا حَبْلٌ لِزَيْنَبَ فَإِذَا فَتَرَتْ تَعَلَّقَتْ. فَقَالَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- لاَ، حُلُّوهُ، لِيُصَلِّ أَحَدُكُمْ نَشَاطَهُ، فَإِذَا فَتَرَ فَلْيَقْعُدْ.
قوله:"دخل النبي -صلى الله عليه وسلم-" زاد مسلم: "المسجدَ"، وقوله:"بين الساريتين" أي: اللتين في جانب المسجد، وكأنهما كانتا معهودتين للمخاطب، لكن عند مسلم:"بين سارتين" بالتنكير، وقوله: هذا حبل لزينب، جزمٍ كثير من الشراح والمؤلفين أن المراد بها زينب بنت جحش، أُم المؤمنين، ويأتي تعريفها قريبًا في السند، وروي أنها حَمْنَة بنت جحش، وأطلق عليها زينب باعتبار اسمها الآخر؛ لأنها كانت تسمى زينب، ولعل نسبة الحبل إليهما باعتبار أنه ملك لأحداهما، والأخرى المتعلقة به، وفي صحيح ابن خُزيمة، فقالوا لميمونة بنت الحارث، وهي رواية شاذة، وقيل: يحتمل تعدد القصة. ووهم من فسرها بجُوَيرية بنت الحارث، وزاد مسلم، فقالوا لزينب تصلي.
وقوله:"فإذا فترت" بفتح المثناة، أي كسلت عن القيام في الصلاة، وعند مسلم بالشك، "فإذا فترت أو كسلت" وقوله: فقال -صلى الله عليه وسلم-: لا يحتمل النفي، أي: لا يكون هذا الحبل أو لا يحمد، ويحتمل النهي أي: لا تفعلوه، وسقطت هذه الكلمة في رواية مسلم. وقوله: نَشاطه، بفتح النون، مدة نشاطه. وقوله: فليقعد، يحتمل أن يكون أمرًا بالقعود عن القيام، فيستدل به على جواز افتتاح الصلاة قائمًا، والقعود في أثنائها. وقد مرّ نقل الخلاف فيه، ويحتمل أن يكون أمر بالقعود عن الصلاة، أي: بترك ما كان عزم عليه من التنفل، ويمكن أن يستدل به على جواز قطع النافلة بعد الدخول فيها، وقد تقدم في باب الوضوء من النوم من كتاب الوضوء، حديثُ "إذا نعس أحدكم في الصلاة، فلينم حتى يعلم ما يقرأ، وهو من حديث أنس أيضًا" ولعله طرف من هذه القصة.
وفيه حديث عائشة أيضًا:"إذا نعس أحدكم وهو يصلي، فليرقد حتى يذهب عنه النوم" وفيه: