ثبت في نسخة الصغاني البسملة قبل "باب"، قال ابن رشيد: لم يقل في الترجمة: "وبيت المقدس" وإن كان مجموعًا إليهما في الحديث، لكونه أفرده بعد ذلك بترجمة "قال"، وترجم بفضل الصلاة، وليس في الحديث ذكر الصلاة، ليبين أن المراد بالرحلة إلى المساجد قصد الصلاة فيها، لأن لفظ المساجد مشعر بالصلاة، وظاهر إيراد المصنف لهذه الترجمة في أبواب التطوع، يشعر بأن المراد بالصلاة في الترجمة صلاة النافلة، ويحتمل أن يراد بها ما هو أعم من ذلك، فتدخل النافلة، وهذا أوجه، وبه قال الجمهور في حديث الباب، وذهب الطَّحَاويّ إلى أن التفضيل مختص بالفريضة كما سيأتي.
[الحديث الرابع عشر]
حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ: أَخْبَرَنِي عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عُمَيْرٍ عَنْ قَزَعَةَ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا سَعِيدٍ رضي الله عنه أَرْبَعًا قَالَ: سَمِعْتُ مِنَ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- وَكَانَ غَزَا مَعَ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- ثِنْتَيْ عَشْرَةَ غَزْوَةً ح. وَحَدَّثَنِي عَلِيٌّ قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: لاَ تُشَدُّ الرِّحَالُ إِلاَّ إِلَى ثَلاَثَةِ مَسَاجِدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ، وَمَسْجِدِ الرَّسُولِ -صلى الله عليه وسلم- وَمَسْجِدِ الأَقْصَى.
قوله:"عن قزعة" سيأتي بعد خمسة أبواب بهذا الإسناد، "سمعت قزعة مولى زياد"، وقوله:"سمعت أبا سعيد أربعًا" أي: يذكر أربعًا، أو سمعت منه أربعًا، أي: أربع كلمات. وقوله:"وكان غزا" القائل ذلك هو قزعة، والمقول عنه أبو سعيد الخدري، والأربع هي الآتية قريبًا في باب مسجد بيت المقدس، وهي:[لا تسافر المرأة يومين إلا ومعها زوجها أو ذو محرم، ولا صوم في يومين الفطر والأضحى، ولا صلاة بعد صلاتين؛ بعد الصبح حتى تطلع الشمس، وبعد العصر حتى تغرب. ولا تُشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد]. وقوله:"ثنتي عشرة غزوة" اقتصر المؤلف على هذا القدر، ولم يذكر من المتن شيئًا، وذكر بعده حديث أبي هريرة في شد الرحال، فظن الداوديّ أن البخاريّ ساق الإسنادين لهذا المتن، وفيه نظر؛ لأن حديث أبي سعيد مشتمل على أربعة أشياء كما ذكر المؤلف، وهي المذكورة الآن. وحديث أبي هريرة مقتصر على شد الرحال فقط، لكن لا يمنع الجمع بينهما في سياق واحد، بناء على قاعدة البخاريّ في إجازة اختصار الحديث.