النبي -صلى الله عليه وسلم-، فمر بجَرين من تمر الصدقة، فأخذتُ منه تمرةً فألقيتها في فيَّ فأخذها بلعابها، فقال:"إنَّا آل محمد لا تحل لنا الصدقة". وإسناده قويّ، وللطبرانيّ والطحاويّ عن أبي ليلى الأنصاريّ نحوه. وروى مسلم عن أبي هُريرة "والله اني لأنقلب إلى أهلي فأجد التمرة ساقطة على فراش أو في بيتي، فارفعها لآكلها، ثم أخشى أن تكون صدقة، فألقيها".
وروى أحمد عن عبد الله بن عمر "وأن النبيّ -صلى الله عليه وسلم-" وجد تمرة تحت جنبه من الليل، فأكلها، فلم ينم تلك الليلة، فقال بعض نسائه: يا رسول الله، أرقتَ البارحةَ، قال: إني وجدت تمرة فأكلتها، وكان عندنا تمر من تمر الصدقة، فخشيت أن تكون منه". ورى التِّرمذيُّ عن معاوية بن حَيْدة جدبَهْز بن حكيم قال: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا أُتي بشيء سأل: أصدقة هي أم هدية؟ فإن قالوا: صدقة، لم يأكل، وإن قالوا: هدية أكل".
وروى أحمد والترمذيّ في الشمائل عن بُريدة بن حُصيب قال:"جاء سلمان إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، حين قدم المدينة بمائدة عليها رُطَب، فوضعها بن يدي النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، فقالَ رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ما هذا يا سلمان؟ قال: صدقة عليك، وعلى أصحابك. قال: ارفعها، فإنّا لا نأكل الصدقة". وأخرجه أحمد والحاكم في المستدرك عن سلمان "أن النبي -صلى الله عليه وسلم- لما قدم المدينة" وفيه "فسأله أصدقة أم هدية؟ فقال: هدية، فأكل" وفي رواية أحمد عن سلمان قال: كان النبي -صلى الله عليه وسلم-، يقبل الهدية، ولا يقبل الصدقة، إلى غيرها هذا من الأحاديث.
وفي الحديث دفع الصدقات إلى الإمام، والانتفاع بالمساجد في الأمور العامة، وجواز إدخال الأطفال المساجد، وتأديبهم بما ينفعهم، ومنعهم مما يضرهم، ومن تناول المحرمات، وإن كانوا غير مكلفين ليتدربوا بذلك، واستنبط بعضهم منه منع وَليّ الصغيرة لها إذا اعتدت من الزينة، وفيه الإعلام بسبب النهي، ومخاطبة من لا يميز لقصد إسماع من يميز، لأن الحسن، إذ ذاك، كان طفلًا.
[رجاله أربعة]
وفيه ذكر الحسن، وقد مرَّ الجميع، مرّ آدم وشعبة في الثالث من الإيمان، ومرَّ أبو هريرة في الثاني منه، ومرّ محمد بن زياد في الثلاثين من الوضوء، ومرّ الحسن رضي الله تعالى عنه في الثامن والثمانين منه. ثم قال المصنف: