باب قول الله تعالى:{ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ}
وقوله ذلك في الآية إشارة إلى التمتع لأنه سبق فيها فمن تمتع بالعمرة إلى الحج فما استيسر من الهدي إلى أن قال ذلك وهذا قول أبي حنيفة فلا تمتع ولا قِران عنده لحاضري المسجد الحرام فيكره له التمتع والقران، فإِن تمتع أو قرن فعليه دم جبرًا وهما في الآفاقي مستحبان ويلزمه الدم شكرًا، وعند غير أبي حنيفة الإشارة راجعة إلى حكم التمتع وهو الفدية فلا يجب على أَهل مكة دم إذا أَحرموا من الحل بالعمرة ولا يكره لهم التمتع والقِران وهذا قول مالك والشافعي وأحمد. وقد اختلف العلماء في حاضري المسجد الحرام من هم:
فقال مالك: أَهل مكة ومن حولها سوى أَهل المناهل كعسفان وسوى أَهل مني وعرفة.
وقال ابن حبيب عن مالك وأصحابه: ومن كان دون مسافة القصر من مكة حكمه حكم المكي.
وقيل: إن من دون المواقيت كالمكي ولم يعزه اللخمي.
وقال الحنفية: هم أَهل المواقيت ومن دونها.
وقال مكحول: من كان منزله دون المواقيت.
وهو قول الشافعي في القديم، وقال في الجديد: من كان من مكة على دون مسافة القصر.
ووافقه أحمد، واعتبرت المسافة من الحرم.
قالوا: لأن كل موضع ذكر الله فيه المسجد الحرام فهو الحرم إلا قوله تعالى: {فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} فهو نفس الكعبة. واعتبرها الرافعي في المحرر من مكة، قال في "المهمات": وبه الفتوى، وأيده الشافعي بأن أعتبارها من الحرم يؤدي إلى إدخال البعيد عن مكة وإخراج القريب منها لاختلاف المواقيت والقريب من الشيء، يقال: إنه حاضره،