في رواية أبي رجاء عن عمران كما ذكرته قبل، وقال ابن التين: يحتمل أن يريد عمر أو عثمان، وأغرب الكرماني فقال: الظاهر أن المراد به عثمان، وكان لقرب قصة عثمان مع علي جزم بذلك، وذلك غير لازم، فقد سبقت قصة عمر مع أبي موسى في ذلك، ووقعت لمعاوية أيضًا مع سعد بن أبي وقاص في صحيح مسلم قصة في ذلك، والأولى أن يفسر بعمر، فإنه أول من نهى، وكان من بعده كان تابعاً له في ذلك، ففي مسلم أن ابن الزبير أيضًا كان ينهى، وابن عباس كان يأمر بها، فسألوا جابرًا، فأشار إلى أن أول من نهى عنها عمر، ثم إن في حديث عمر ما يعكر على عياض وغيره في جزمهم أن المتعة التي نهى عنها عمر وعثمان هي فسخ الحج إلى العمرة لا العمرة التي يحج بعدها، فإن في بعض طرقه عند مسلم التصريح بكونها متعة الحج، وفي رواية له أيضًا أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أعمر بعض أهله في العشر، وفي رواية له جمع بين حج وعمرة، ومراده التمتع المذكور، وهو الجمع بينهما في عام واحد كما يأتي تصريحًا في الباب بعده في حديث ابن عباس، وقد تقدم البحث فيه في حديث أبي موسى.
وفيه من الفوائد أيضًا جواز نسخ القرآن بالقرآن، ولا خلاف فيه، وجواز نسخه بالسنة، وفيه اختلاف شهير، ووجه الدلالة منه قوله، ولم ينه عنها رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فإن مفهومه أنه لو نهى عنها لامتنعت، ويستلزم رفع الحكم ومقتضاه جواز النسخ، وقد يؤخذ منه أن الإجماع لا ينسخ لكونه حصر وجوه المنع في نزول آية، أو نهي من النبي -صلى الله عليه وسلم-, وفيه وقوع الاجتهاد في الأحكام بين الصحابة، وإنكار بعض المجتهدين على بعض بالنص.
رجاله خمسة قد مرّوا:
مرَّ موسى بن إسماعيل في الخامس من بدء الوحي، ومرَّ همام في الرابع والثمانين من الوضوء، ومرَّ قتادة في السادس من الإيمان، ومرَّ مطرف بن الشخير في الرابع والخمسين من صفة الصلاة، ومرَّ عمران بن حصين في الحادي عشر من التيمم.
[لطائف إسناده]
فيه التحديث بالجمع والإفراد والعنعنة والقول، ورواته كلهم بصريُّون، أخرجه مسلم في الحج.