أورد المصنف في هذه الترجمة حديث ابن عباس مختصرًا، وهو موافق لها إمّا للإمام, فبالمطابقة، وإما للمسجد فباللزوم، وتعقب بأن حديث الباب إنما ورد فيما إذا كان المأموم واحدًا، أما إذا كثروا، فلا دليل فيه على فضيلة ميمنة المسجد، وأجيب بأن البُخاريّ إنما وضع الترجمة على طبق ما في الحديث، وهو ما ذكرنا، ويدل على فضيلة ميمنة المسجد والإمام ما أخرجه النَّسائيّ بإسناد صحيح عن البراء، قال:"كنا إذا صلينا خلف النبي -صلى الله عليه وسلم- أحببنا أن نكون عن يمينه" ولأبي داود بإسناد حسن عن عائشة مرفوعًا "أن الله وملائكته يصلون على ميامن الصفوف" وأما ما رواه ابن ماجَه عن ابن عمر قال: "قيل للنبي -صلى الله عليه وسلم-: إنّ مَيْسرة المسجد تعطلت، فقال: من عَمَر ميسرة المسجد كتب له كِفلان من الأجر" ففي إسناده مقال، وإن ثبت فلا يعارض الأول, لأنّ ما ورد لمعنى عارض يزول بزواله.
وقوله: وقال بيده، أي تناول، ويدل عليه رواية الإسماعيلى "فأخذ بيدي"، وقوله: أو بعضدي، شك من الرّاوي، وقال الكِرْمَانيّ: الشك من ابن عبّاس، ويحتمل أن يكون من غيره، ووجه الجمع بين قوله "فأخذ بيدي" وبين قوله في باب إذا أَمَّ الرجل "فأخذَ برأسي" كون القضية متعددة، وإلا فوجهه أن يقال: أخذ أولًا برأسه ثم بيده، أو بعضده أو بالعكس، وقد مرَّ في باب "إذا قام الرجل" قريبًا المحال التي تكلم عليه فيها.
[رجاله خمسة]
قد مروا إلا ثابت، مرَّ موسى بن إسماعيل في الخامس من بَدء الوحي، وابن عباس فيه أيضًا، ومرَّ الشَّعْبِيّ في الثالث من الإيمان, ومرَّ عاصم الأحول في الخامس والثلاثين من الوضوء.
وأما ثابت، فهو ابن يَزيد الأحول أبو زَيد البَصْري، ذكره ابن حِبّان في الثقات، وقال ابن مَعِين: ثقة، وقال أبو زُرْعَة: لا بأس به، وقال أبو حاتم: ثقة، أوثق من عبد الأعلى، وأحفظ من عاصم. وقال عَفّان: دلنا عليه شُعْبَةُ، وَوَثَّقَهُ أبو داود أيضًا، روى عن عاصم الأحْول وسُلَيمان التَّيْمِيّ