[باب من باع ثماره أو روضه أو نخله أو زرعه وقد وجب فيه العشر أو الصدقة، فأدى الزكاة من غيره، أو باع ثماره، ولم يجب فيه الصدقة]
ظاهر سياق هذه الترجمة أن المصنف يرى جواز بيع الثمرة بعد بَدْو الصلاح، ولو وجبت فيها الزكاة بالخرص مثلًا، لعموم قوله "حتى يبدو صلاحها"، وهو أحد قولي العلماء، والثاني لا يجوز بيعها بعد الخرص، لتعلق حق المساكين بها. وهوأحد قوليّ الشافعيّ. وقائل هذا حمل الحديث على الجواز بعد الصلاح وقبل الخرص، جمعًا بين الحديثين. وأما قوله: العشر أو الصدقة، فمن العام بعد الخاص، وفيه إشارة إلى الرد على من جعل في الثمار العُشر مطلقًا من غير اعتبار نصيب، ولم يرد أنّ الصدقة تسقط بالبيع، وأما قوله "فأدى الزكاة من غيره" فلأنه إذا باع بعد وجوب الزكاة، فقد فعل أمرًا جائزًا، كما تقدم، فتعلقت الزكاة بذمته، فله أن يعطيها من غيره، أو يخرج قيمتها على رأي من يجيزه، وهو اختيار البخاريّ كما سبق. وأما قوله "ولم يخص من وجبت عليه الزكاةَ ممن لم تجب" فيتوقف على مقدمة أخرى، وهي أن الحق يتعلق بالصلاح، وظاهر القرآن يقتضي أن وجوب الإيتاء إنما هو يوم الحصاد، على رأي من جعلها في الزكاة، إلا أن يقال: إنما تعرضت الآية لبيان زمن الإيتاء، لا لبيان زمن الوجوب. والظاهر أن المصنف اعتمد في تصحيح هذه المقدمة استعمال الخَرص عند الصلاح، لتعلق حق المساكين، فطواها بتقديمه حكم الخرص فيما سبق، أشار إلى ذلك ابن رشيد.
وقال ابن بطال: أراد البخاري الرد على أحد قولي الشافعيّ بفساد البيع، كما تقدم. وقال أبو حنيفة: المشتري بالخيار، ويؤخذ العشر منه، ويرجع هو على البائع. وعن مالك العُشر على البائع، إلاَّ أن يشترطه على المشتري، وهو قول الليث. وعن أحمد الصدقة على البائع مطلقًا، وهو قول الثَّوريّ والأوزاعيّ.
ثم قال: وقول النبي -صلى الله عليه وسلم- "لا تبيعوا الثمرة حتى يبدو صلاحها"، فلم يحظر البيع بعد الصلاح على أحد، ولم يخص من وجبت عليه الزكاة ممن لم تجب. أسنده في الباب بمعناه، وأما هذا اللفظ، فمذكور عنده في كتاب البيع من حديث ابن عمر.
[الحديث الثامن والثمانون]
حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دِينَارٍ قال سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ رضي الله عنهما: نَهَى النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- عَنْ بَيْعِ الثَّمَرَةِ حَتَّى يَبْدُوَ صَلاَحُهَا. وَكَانَ إِذَا سُئِلَ عَنْ