قوله: حدثني أبو إسحاق، الخ أبو إسحاق معروف بالرواية عن البراء بن عازب، ولكنه سمع هذا عنه بواسطة. وقوله: وهو غير كذوب، الظاهر أنه من كلام عبد الله بن يَزِيد، وعلى ذلك جرى الحُميديّ في جمعه وصاحب العمدة، ويقوي كونه من كلام عبد الله بن يزيد قولُ أبي إسحاق في بعض طرقه: سمعت عبد الله بن يزيد وهو يخطب، يقول: حدثنا البراء، وكان غير كذوب. وهذا وإن كان محتملًا، لكنه أبعد من الأول، وأخرج أبو عوانة في صحيحه عن غير أبي إسحاق عن مُحَارِب بن دِثار عن عبد الله بن يزيد: حدثنا البراء، وهو غير كذوب. وأصله في مسلم، لكن ليس فيه قوله "وهو غير كذوب" لكن روى عياش الدُّوريّ عن ابن مَعِين أنه قال: قوله: "وهو غير كذوب" إنما يريد عبد الله بن يزيد الراويّ عن البراء لا البراء، إذ لا يقال لرجل من أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- غير كَذُوب؛ لأن هذه العبارة إنما تحسن في مشكوك في عدالته، والصحابة كلهم عدول لا يحتاجون إلى تزكية.
وتعقبه الخَطّابيّ وغيره بأن هذا القول لا يوجب تهمة في الراوي، وإنما يوجب حقيقة الصدق له، وهذه عادتهم إذا أرادوا تأكيد العلم بالراوي، والعمل بما روى، وقد كان أبو هُريرة يقول: سمعت خليلي الصادق المصدوق. وقال ابن مسعود: حدثني الصادق المصدوق. وقال أبو مُسْلِم الخَولانيّ: حدثني