للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[باب يكبر في سجدتي السهو]

وقد اختلف في سجود السهو بعد السلام، هل تشترط له تكبيرة إحرام، أو يكتفى بتكبير السجود، إلى آخر ما مرَّ مستوفى في باب تشبيك الأصابع في المسجد وغيره.

[الحديث السابع]

حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ قال حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: صَلَّى النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم-: إِحْدَى صَلاَتَىِ الْعَشِيِّ، قَالَ مُحَمَّدٌ: وَأَكْثَرُ ظَنِّى الْعَصْرَ، رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ سَلَّمَ ثُمَّ قَامَ إِلَى خَشَبَةٍ فِي مُقَدَّمِ الْمَسْجِدِ فَوَضَعَ يَدَهُ عَلَيْهَا وَفِيهِمْ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ رضي الله عنهما فَهَابَا أَنْ يُكَلِّمَاهُ وَخَرَجَ سَرَعَانُ النَّاسِ فَقَالُوا أَقَصُرَتِ الصَّلاَةُ وَرَجُلٌ يَدْعُوهُ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- ذُو الْيَدَيْنِ فَقَالَ أَنَسِيتَ أَمْ قَصُرَتْ فَقَالَ لَمْ أَنْسَ وَلَمْ تُقْصَرْ. قَالَ بَلَى قَدْ نَسِيتَ. فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ سَلَّمَ ثُمَّ كَبَّرَ فَسَجَدَ مِثْلَ سُجُودِهِ أَوْ أَطْوَلَ، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ فَكَبَّرَ، ثُمَّ وَضَعَ رَأْسَهُ فَكَبَّرَ فَسَجَدَ مِثْلَ سُجُودِهِ أَوْ أَطْوَلَ، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ وَكَبَّرَ.

قوله: وأكثر ظني أنها العصر، هو قول ابن سيرين بالإسناد المذكور، وإنما رَجَح ذلك عنده لأنّ في حديث عمران الجزمَ بأنها العصر، كما مرَّ في الباب المذكور آنفًا. وقوله: ذا اليدين، قد مرَّ في الباب المذكور ما قيل من التفرقة بين ذي اليدين وذي الشمالين، ومرت هناك مباحث هذا الحديث مستوفاة غاية، ومرَّ في باب "التوجه نحو القبلة" عند حديث ابن مسعود كثير من مباحثه. وقوله: فقال لم أنس ولم تقصر، كذا في أكثر الطرق، وهو صريح في نفي النسيان والقصر.

وفيه تفسيرٌ للمراد بقوله، في رواية سفيان عن أبي هريرة عند مسلم: "كل ذلك لم يكن" وتأييدٌ لما قاله أصحاب المعاني: إن لفظ "كل" إذا تقدم، وعقبها النفي كان نفيًا لكل فرد لا للمجموع، بخلاف ما إذا تأخرت، كأن يقول: لم يكن كل ذلك. ولهذا أجاب ذو اليدين في رواية أبي سفيان بقوله: قد كان بعض ذلك، وأجابه في هذه الرواية بقوله: بلى، قد نسيت؛ لأنه لمّا نفى الأمرين، وكان مقررًا عند الصحابي أن السهو غير جائز عليه في الأمور البلاغية، جزم بوقوع النسيان لا بالقصر، وقد قالوا: إن هذا القول منه عليه الصلاة والسلام ردٌ على ذي اليدين في موضع استعماله الهمزة وأم، وليس بجواب؛ لأنّ السؤال بالهمزة وأم عن تعيين أحد المستويين، وجوابه تعيين

<<  <  ج: ص:  >  >>