وقوله:"فليصلوا قيامًا وركبانًا" أي على أقدامهم وعلى دوابهم؛ لأن فرض النزول قد سقط، والمعنى أن الخوف إذا اشتد والعدو إذا كثر فخيف من الانقسام لذلك جازت الصلاة حينئذ بحسب الإمكان، جاز ترك مراعاة ما لا يقدر عليه من الأركان فينتقل عن القيام إلى الركوع وعن الركوع والسجود إلى الإيماء، ويكون السجود أخفض من الركوع ليتميز، أو لهم ترك الاستقبال إذا كان بسبب القتال، ويعذر في العمل الكثير كالركض والطعن وفي الكلام لحاجة كتحذير وتشجيع لا في الصياح لعدم الحاجة إليه، وبهذا قال الجمهور، لكن المالكية قالوا: لا يصنعون ذلك حتى يخشى فوات الوقت الاختياري، وسيأتي مذهب الأوزاعي بعد باب.
وقالت الشافعية: لو انحرف عن القبلة لجماح الدابة وطال الزمان بطلت صلاته، ويجوز اقتداء بعضهم ببعض مع اختلاف الجهة كالمصلين حول الكعبة قاله القسطلاني، والتأخير عند المالكية إلى آخر الاختياري إنما هو على جهة الاستحباب مع رجاء انكشاف العدو وإلا صلّوا في أول الوقت. وظاهر نصوصهم أنهم في هذه الحالة لا يجوز اقتداء بعضهم ببعض، وحكم الخوف على نفس أو منفعة من سبع أو حية أو حرق أو غرق أو على مال ولو لغيره كالخوف في القتال ولا إعادة في الجميع قاله القسطلاني نقلًا عن المجموع. والحكم عند المالكية كالمذكور عند الشافعية.
[رجاله سبعة]
قد مروا: مرّ سعيد بن يحيى بن سعيد وأبوه في الرابع من "الإيمان"، ومرّ مجاهد وابن عمر في آثار أوله قبل ذكر حديث منه، ومرّ ابن جريج في الثالث من "الحيض"، ومرّ موسى بن عقبة في الخامس من الوضوء، ومرَّ نافع في الأخير من "العلم".
[لطائف إسناده]
فيه التحديث بالجمع والإفراد والقول والعنعنة، ورواته ما بين بغدادي وكوفي ومكي ومدني. أخرجه مسلم والنسائي. ثم قال المصنف:
باب يحرس بعضهم بعضًا في صلاة الخوف
قال ابن بطال: محل هذه الصورة إذا كان العدو في جهة القبلة، فلا يفترقون والحالة هذه بخلاف الصورة الماضية في حديث ابن عمر.
وقال الطحاوي: ليس هذا بخلاف القرآن لجواز أن يكون قوله تعالى {وَلْتَأْتِ طَائِفَةٌ أُخْرَى} إذا كان العدو في غير القبلة وذلك ببيانه -صلى الله عليه وسلم- ثم بين كيفية الصلاة إذا كان العدو في جهة القبلة.