قال الزين بن المنير: أحاديث هذا الباب تدخل في الباب الذي قبله، وإنما أفردها عنها لأن الباب الأول مقصود لثبوته ردًا على من أنكره، وهذا لبيان ما ينبغي اعتماده في مدة الحياة من التوسل إلى الله تعالى بالنجاة منه، والابتهال إليه في الصرف عنه. قلت: ويدل على هذا المعنى مغايرته بين الترجمتين، فقال في الأول "باب ما جاء في عذاب القبر" وفي الثانية "باب التعوذ من عذاب القبر".
قوله: وجبت الشمس، أي سقطت، والمراد غروبها. وقوله: فسمع صوتًا، قيل: يحتمل أن يكون سمع صوت ملائكة العذاب، أو صوت اليهود المعذَّبين، أو صوت وقع العذاب. وقد وقع عند الطبرانيّ عن عبد الجبار بن العباس عن عون، بهذا السند، مفسرًا، ولفظه "خرجتُ مع النبي -صلى الله عليه وسلم- حين غربت الشمس، ومعي كُوز من ماء، فانطلق لحاجته حتى جاء، فوضأته، فقال: أتسمع ما أسمع؟ قلت: الله ورسوله أعلم، قال: أسمع أصواتَ اليهود يعذبون في قبورهم".
وقوله: يهود تعذب في قبورها، هو خبر مبتدأ، أي: هذه يهود، أو هو مبتدأ خبره محذوف، أو خبره تعذب في قبورها، قال الجوهريّ: اليهود قبيلة، والأصل اليهوديون، فحذف ياء الإِضافة، مثل زَنْج وزنجي، ثم عرف على هذا الحد، فجمع على قياس شعير وشعيرة، ثم عرف الجمع بالألف واللام، ولولا ذلك لم يجز دخول الألف واللام, لأنه معرفة مؤنث، فجرى مجرى القبيلة، وهو غير منصرف للعلمية والتأنيث، وهو موافق لقوله فيما تقدم عن عائشة:"إنما تعذب يهودُ". وإذا ثبت أن اليهود نعذب بيهوديتهم، ثبت تعذيب غيرهم من المشركين, لأن كفرهم بالشرك أشد من كفر اليهود.
[رجاله سبعة]
قد مرّوا، مرّ محمد بن المثنى في التاسع من الإِيمان, ويحيى القطان في السادس منه، وشعبة في