وكونها ماتت بالأبواء، وهو ابنُ ست سنين، هو الصحيح، وقيل: ماتت وهو ابن أربع، وقيل خمس، وقيل: سبع، وقيل: تسع، وقيل: اثنتي عشرة سنة وشهر، أو عشرة أيام، وقيل: ماتت بشعب أبي ذئب بالحَجُون. وفي "القاموس": ودار رائعة بمكة فيها مدفن آمنة أم النبي - صلى الله عليه وسلم -
وكانت أمُّ أيمن بَركةُ دايتَه، وحاضِنته بعد موت أمه، وكان عليه الصلاة والسلام يقول لها: أنتِ أُمي بعد أمي.
[موت جده عبد المطلب]
ثم لما بلغ ثمان سنين أو ثمانيًا وشهرًا وعشرة أيام، أو تسع سنين، أو عشرًا على الخلاف، مات جده عبد المطلب، وله عشرة ومائة سنة، وقيل: مائة وأربعون سنة. وكفله بعده أبو طالب، واسمه عبد مناف، وكان عبد المطلب قد أوصاه بذلك، لكونه شقيق عبد الله، فصار في حجر عمه أبي طالب، وكان يحبه حتى إذا بلغ خمس عشرة سنة انفرد بنفسه.
[قصة بحيرى الراهب]
ولما بلغ - صلى الله عليه وسلم - اثنتي عشرة سنة، أو ثلاث عشرة، خرج في تجارة مع عمه أبي طالب، حتى بلغ بصرى، فرآه بحيرى الراهب -بفتح الموحدة، وكسر الحاء، بعدها ياء، ثم راء وألف مقصورة- واسمه جرجيس، فعرفه بصفته، فقال: وهو آخذ بيده: هذا سيدُ العالمين، هذا يبعثه الله رحمةً للعالمين، فقيل له: فما علمك بذلك؟ قال: إنَّكم حين أشرفتم به من العقبة، لم يبق شجر ولا حجرٌ إلا وخر ساجدًا، ولا يسجدان إلا لنبي، وإني أَعرفُه بخاتم النبوة في أسفَل من غُضرُوف كتفه مثلَ التفاحة، وإنا نجده في كتبنا، وسأل أبا طالب أن يردَّه خوفًا عليه من اليهود. والحديث أخرجه ابن أبي شيبة وفيه: أنه، عليه الصلاة والسلام، أقبل وعليه غمامة تظله، وعند البيهقي، وأبي نعيم: أن بحيرى رآه وهو في صومعته في الركب حين أقبلوا، وغمامة بيضاء تظله من بين القوم، ثم أقبلوا حتى نزلوا بظل شجرة قريبًا منه، فنظر إلى الغمامة حين أظلت