تضبيبٌ على حرف "لا"، ولا أدري ما وجهه، وبإثبات النفي يتم المعنى، أي كان إذا اتفق له أن يشتري شيئًا، كان تصدق به، لا يتركه في ملكه حتى يتصدق به. وكأنه فهم أن النهي عن شراء الصدقة إنما هو لمن أراد أن يتملكها، لا لمن يردها صدقة، وتأتي بقية الكلام على الحديث إن شاء الله تعالى في الذي بعده.
[رجاله ستة]
وفيه ذكر عمر، وقد مرّ الجميع، مرَّ يحيى بن بكير والليث وعقيل والزهريّ في الثالث من بدء الوحي، وعمر في الأول منه، ومرَّ سالم بن عبد الله في السابع عشر من الإيمان، وأبوه عبد الله في أوله قبل ذكر حديث منه.
قوله: حملت على فرس، زاد القعنبي في الموطأ "عتيق"، والعتيق الكريم الفائق من كل شيء، وهذا الفرس، أخرج ابن سعد في الطبقات عن الواقديّ، أن تميمًا الداريّ أهدى فرسًا، يقال له الورد، للنبي -صلى الله عليه وسلم-، فأعطاه عمر، فحمل عمر عليه في سبيل الله، فوجده عمر يباع .. الحديث، فعرف بهذا تسميته، وأصله، ولا يعارضه ما أخرجه مسلم وأبو عوانة. واللفظ للثاني عن ابن عمر، أن عمر حمل على فرس في سبيل الله، فأعطاه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- رجلًا، لأنه يحمل على أن عمر لما أراد أن يتصدق فوّض إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، اختيار من يتصدق به عليه، أو استشاره فيمن يحمله عليه، فأشار به عليه، فنسبت إليه العطية، لكونه أمره بها.
وقوله: في سبيل الله، المراد به الجهاد لا الوقف، فلا حجة لمن أجاز بيع الموقوف، إذا بلغ غاية لا يتصور الانتفاع به فيما وقف له. وظاهر أنه حمله عليه حمل تمليك، ليجاهد عليه، إذ لو كان حمل تحبيس لم يَجُزْ بيعه. والرجل المحمول لم يسمَّ، وقوله: فأضاعه الذي كان عنده، أي بترك القيام عليه بالعلف والخدمة ونحوهما. وقيل: لم يعرف مقداره، فأراد بيعه بدون قيمته، وقيل: معناه استعمله في غير ما جعل له، والأول أظهر.
ويؤيده رواية مسلم عن زيد بن أسلم "فوجده قد أضاعه، وكان قليل المال" فأشار إلى علة ذلك، وإلى العذر المذكور في إرادة بيعه. وقوله: لا تشتر ولا تعد، في رواية أحمد عن زيد بن