قوله:"اشتكى النبي -صلى الله عليه وسلم-" أي المرض، كما في رواية قيس بن الرَّبيع الآتي ذكرها. قال في "الفتح": لم أقف في شيء من طرق الحديث على تفسير هذه الشكاية، لكن في التِّرمِذِيّ عن ابن عُيينة عن الأسود في أول هذا الحديث عن جُنْدُب قال: كنت مع النبي -صلى الله عليه وسلم- في أنمار، فَدَمِيت أُصبعه، فقال:
هل أنتِ إلا أُصبع دَمِيت ... وفي سبيلِ اللهِ ما لَقِيتْ؟
قال: وأبطأ عليه جبريل، فقال المشركون: قد وُدِّع محمد، فأنزل الله تعالى:{مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى} فظن بعض الشرّاح أن هذا بيان للشكاية المجملة في الصحيح، وليس كما ظُن، فإن في طريق عبد الله بن شدّاد الآتية قريبًا أن نزول هذه السورة كان في أوائل البعثة، وجندب لم يصحب النبي -صلى الله عليه وسلم- إلا متأخرًا، لما حكاه البَغَويّ في "معجم الصحابة" عن الإِمام أحمد، فعلى هذا هما قضيتان حكاهما جُنْدُب: إحداهما مرسلة، والأخرى موصولة؛ لأن الأُولى لم يحضرها، فروايته لها مرسلة من مراسيل الصحابة، والثانية شهدها، كما ذكر أنه كان مع النبي -صلى الله عليه وسلم-، ولا يلزم من عطف إحداهما على الأخرى في رواية سفيان اتحادُهُما.
وقوله:"فلم يقم ليلة أو ليلتين" هكذا اختصره المصنف هنا، وساقه في فضائل القرآن تامًا، أخرجه عن شيخه، فيه هنا، أبي نعيم، فزاد فيه: "فأتته امرأة فقالت: يا محمد، ما أرى شيطانك إلا قد تركك، فأنزل الله تعالى:{وَالضُّحَى} إلى قوله: {وَمَا قَلَى}.
[رجاله أربعة]
مرّوا، مرّ أبو نعيم في الخامس والأربعين من الإيمان، ومرّ سفيان الثَّوري في السابع والعشرين منه، ومرّ الأسود بن قيس وجُنْدُب في الثالث والثلاثين من كتاب العيدين.
[لطائف إسناده]
فيه التحديث بالجمع والعنعنة والقول والسماع، ورواته كلهم كوفيون، وهو من الرباعيات.