هذا الحديث قد تقدم في باب فضل التأذين، ومرَّ الكلام على ما يتعلق بالأذان منه مستوفى غاية الاستيفاء. وقوله: إن يدري، بكسر الهمزة، وهي نافية. وقوله: فإذا لم يدر أحدكم كم صلى الخ، مساو للترجمة من غير مزيد، وظاهره أنه لا ينبي على اليقين؛ لأنه أعم من أن يكون داخل الصلاة أو خارجها، وهو معارض بحديث أبي سعيد عند مسلم، المار ذكره عند حديث ابن مسعود في الباب المذكور، فإنه صريح في الأمر بطرح الشك، والبناء على اليقين، فقيل: يجمع بينهما يحمل حديث أبي هريرة على من طرأ عليه الشك وقد فرغ قبل أن يسلم، فإنه لا يلتفت إلى ذلك الشك، ويسجد للسهو كمن طرأ عليه بعد أن سلم، فلو طرأ عليه قبل ذلك بني على اليقين. كما في حديث أبي سعيد. فقوله فيه: وهو جالس بقوله إذا شك لا بقوله سجد.
وهذا أولى من قول من سلك طريق الترجيح فقال. حديث أبي سعيد اختلف في وصله وإرساله، بخلاف حديث أبي هريرة، وقد وافقه حديث ابن مسعود، فهو أرجح؛ لأن لمخالفه أن يقول: بل حديث أبي سعيد صححه مسلم، والذي وصله حافظ فزيادة مقبولة، وقد وافقه حديث أبي هريرة الآتي قريبًا، فيتعارض الترجيح. وقيل: يجمع بينهما يحمل حديث أبي هريرة على حكم ما يجبر به الساهي صلاته، وحديث أبي سعيد على ما يصنعه من الإتمام وعدمه.
ولم يقع في هذه الرواية تعيين محل السجود، ولا في رواية الزهريّ التي في الباب الذي يليه، وقد روى الدارقطنيّ عن يحيى بن أبي كثير، بهذا الإسناد مرفوعًا "إذا سها أحدكم، فلم يدر أزاد أو نقص، فليسجد سجدتين وهو جالس، ثم يسلم" إسناده قوي. ولأبي داود عن ابن أخي الزهريّ