قوله: عن جابر، كذا يقول الليث عن ابن شهاب، قال النَّسائي: لا أعلم أحدًا من ثقات أصحاب ابن شهاب تابع الليث على ذلك، ثم ساقه عن عبد الله بن المبارك عن معمر عن ابن شهاب عن عبد الله بن ثعلبة مختصرًا، وكذا أخرجه أحمد والطبرانيّ عن ابن شهاب عن عبد الله بن ثعلبة. وعبد الله له رؤية، فحديثه من حيث السماع مرسَلٌ، وقد رواه عبد الرزاق عن معمر فزاد فيه جابرًا، وهذا مما يقوي اختيار البخاري، فإن ابن شهاب صاحب حديث، فيُحمل على أن الحديث عنده عن شيخين، ولاسيما أن في رواية عبد الرحمن بن كعب ما ليس في رواية عبد الله بن ثعلبة، وعلى ابن شهاب فيه اختلاف آخر.
رواه أسامة بن زيد الليثيّ عنه عن أنس. أخرجه أبو داود والتِّرمذيّ. وأُسامة سيء الحفظ. وقد حكى التِّرمذيّ عن البخاري أن أسامة غلط في إسناده، وأخرجه البيهقيّ عن عبد الرحمن بن عبد العزيز الأنصاري عن ابن شهاب، فقال عن عبد الرحمن بن كعب عن أبيه، وعبد العزيز ضعيف، وقد أخطأ في قوله "عن أبيه". وقد ذكر البخاري فيه اختلافًا آخر كما سيأتي بعد بابين.
قوله: في ثوب واحد، إما بأن يجمعهما فيه، وإما بأن يقطعه بينهما. وقال المَظْهَريّ: قوله في ثوب واحد، أي: في قبر واحد، إذ لا يجوز تجريدهما في ثوب واحد، بحيث تتلاقى بشرتاهما، بل ينبغي أن يكون على كل واحد منهما ثيابه الملطخة بالدم وغيرها, ولكن يضجع أحدهما بجنب الآخر في قبر واحد.
وقوله: ثم يقول أيهم، أي: أيُّ القتلى، وللحمويّ والمستملي "أيهما" أي: أيُّ الرجلين، وقوله: أكثر أخذًا للقرآن، بالنصب على التمييز في "أخذًا". وقوله: أنا شهيد على هؤلاء يوم القيامة، قال المَظْهَريّ: أي: أنا شفيع لهؤلاء، أشهد لهم بأنهم بدلوا أرواحهم، وتركوا حياتهم لله تعالى. وتعقبه الطيبيّ بأن هذا الذي قاله لا يساعد عليه تعديه الشهيد بعلى, لأنه لو أريد ما قال: أنا شهيد لهم، فعدل عن ذلك لتضمين شهيد معنى رقيب وحفيظ، أي: أنا حفيظ عليهم أراقب