والتعليل المذكور لا يطابق المدعى، لأن السترة تفيد رفع الحرج عن المصلي لا عن المار، فاستوى الإمام والمأموم والمنفرد في ذلك. وقد قسمت المالكية أحوال المار والمصلي في الإِثم وعدمه على أربعة أقسام: يأثم المار دون المصلي، وعكسه، ويأثمان جميعًا، وعكسه. فالقسم الأول أن يصلي إلى سترة في غير مَشْرَع، وللمار مندوحة، فيأثم المار دون المصلي. الثاني أن يصلي في مشرع مسلوك دون سُترة أو متباعدًا عن السترة، ولا يجد المار مندوحة، فيأثم المصلي دون المار، الثالث مثل الثاني لكن المار يجد مندوحة، فيأثمان. الرابع مثل الأول لكن لم يجد المار مندوحة، فلا يأثمان جميعًا.
وظاهر الحديث يدل على منع المرور مطلقًا، ولو لم يجد مسلكًا، بل يقف حتى يفرغ المصلي من صلاته، ويؤيده قصة أبي سعيد السابقة، فإن فيها "فنظر الشاب فلم تجد مساغًا" وفي رواية أبي السّراج عن أبي النضر "لو يعلم المار بين يدي المصلي والمصلي" فحمله بعضهم على ما إذا قصر المصلي في دفع المار، أو بأن صلى في الشارع، ويحتمل أن يكون قوله "والمصلَّى" بفتح اللام، أي بين يدي المصلَّى من داخل سترته، وهذا أظهر.
[رجاله ستة]
الأول: عبد الله بن يوسف، وقد مرَّ هو ومالك في الثاني من بدء الوحي، ومرَّ أبو النضر في السابع والستين من الوضوء، ومرَّ بُسر بن سعيد في التاسع والستين من أبواب القبلة، ومرَّ زيد بن خالد في الثالث والثلاثين من العلم، ومرَّ أبو الجهم في الثالث من التيمم.
[لطائف إسناده]
فيه التحديث بصيغة الجمع في موضع، والإخبار كذلك، والعنعنة في موضعين، وفيه تابعي وصحابيان. أخرجه البخاري هنا، وبقية الستة. ثم قال المصنف: