قوله:"حين أراد قدوم مكة"، وفي رواية:"الفتح": "حين أراد حنيناً"، ولا منافاة بين الروايتين، إذ معنى حين أراد حنينًا أي: في غزوة الفتح؛ لأن غزوة حنين عقب غزوة الفتح، وفي الرواية التي في الحديث بعد هذا بلفظ: قال وهو بمنى: "نحن نازلون غدًا بخيف بني كنانة" وهذا يدل على أنه قال ذلك في حجته لا في غزوة الفتح، فهو شبيه برواية الفتح في الاختلاف في ذلك، فيحمل قوله:"حين أراد قدوم مكة"، أي: صادرًا من مني إليها لطواف الوداع، ويحتمل التعدد.
وقوله:"إن شاء الله تعالى" هو على سبيل التبرك والامتثال للآية.
وقوله:"بخيف بني كنانة"، أي: في خَيْف وهو بفتح الخاء المعجمة وسكون الياء، وهو ما انحدر عن غلظ الجبل، وارتفع عن مسيل الماء، وكنانة يأتي الكلام عليها في الذي بعده.
وقوله:"حيث تقاسموا على الكفر"، أي: حيث تحالفت قريش على أن لا يبايعوا بني هاشم ولا يناكحوهم ولا يخالطوهم ولا يؤوهم، وحصروهم في الشعب، وكان ذلك أول يوم من المحرم سنة سبع من البعثة لما بلغ قريشًا فعل النجاشي بجعفر وأصحابه وإكرامه لهم، قال إسحاق وموسى بن عقبة وغيرهما من أصحاب المغازي: لما رأت قريش أن الصحابة قد نزلوا أرضًا أصابوا بها أمانًا، وأن عمر أسلم، وأن الإِسلام فشى في القبائل، أجمعوا على أن يقتلوا رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فبلغ ذلك أبا طالب، فجمع بني هاشم وبني المطلب، فأدخلوا النبي -صلى الله عليه وسلم- شعبهم ومنعوه ممن أراد قتله، فأجابوه لذلك حتى كفّارهم فعلوا ذلك، حميةً على عادة الجاهلية، فلما رأت قريش ذلك أجمعوا أن يكتبوا بينهم وبين بني هاشم والمطلب كتابًا