قوله:"حدثنا محمد" كذا للأكثر غير منسوب، وفي رواية أبي علي بن السكن "حدثنا محمد بن سلام" وهذا هو المعتمد وفي نسخة من أطراف خلف أنه محمد بن مقاتل، وأبو نميلة قيل إن البخاري ذكره في الضعفاء ولم يوجد ذلك له مع أنه لم ينفرد به كما يأتي، لكن تفرد به شيخه فليح وهو مضعف عند ابن معين والنسائي وأبي داود ووثقه آخرون، فحديثه من قبيل الحسن، لكن له شواهد من حديث ابن عمر وسعد القرظ وأبي رافع وعثمان بن عبيد الله التيمي وغيرهم يعضد بعضها بعضًا. فعلى هذا، فهو من القسم الثاني من قسمي الصحيح.
قوله:"إذا كان يوم عيد خالف الطريق" كان تامة أي: إذا وقع، وللإسماعيلي كان "إذا خرج إلى العيد رجع من غير الطريق التي ذهب فيها". قال الترمذي أخذ بهذا بعض أهل العلم فاستحبه للإمام، وبه يقول الشافعي. والذي في "الأم" له أنه يستحب للإمام والمأموم، وبه قال أكثر الشافعية.
وقال الرافعي: لم يتعرض في "الوجيز" إلا للإمام وبالتعميم قال أكثر أهل العلم، وهو قول مالك وأبي حنيفة وأحمد من غير فرق بين إمام ومأموم، ومنهم من قال إن علم المعنى وبقيت العلة بقي الحكم وإلا انتفى بانتفائها وإن لم يعلم المعنى بقي الاقتداء. وقال الأكثر: يبقى الحكم ولو انتفت العلة للاقتداء كما في الرَّمَل أي: في الطواف وغيره.
وقد اختلف في معنى ذلك على أقوال كثيرة قال القاضي عبد الوهاب المالكي: ذكر في ذلك فوائد بعضها قريب وبعضها دعاوى فارغة، فمن ذلك أنه فعل ذلك ليشهد له الطريقان وقيل سكانهما من الإنس الجن، وقيل ليسوي بينهما في مزية الفضل بمروره وفي التبرك به، أو ليشم رائحة المسك من الطريق التي يمر بها, لأنه كان معروفًا بذلك، وقيل؛ لأن طريقه للمصلَّى كانت على اليمين فلو رجع منها لرجع على جهة الشمال فرجع من غيرها، وهذا يحتاج إلى دليل. وقيل لإظهار شعار الإِسلام فيهما، وقيل لإظهار ذكر الله، وقيل ليغيظ المنافقين أو اليهود. وقيل ليرهبهم بكثرة من معه ورجحه ابن بطال. وقيل حذرًا من كيد الطائفتين أو إحداهما وفيه نظر؛ لأنه لو كان كذلك لم يكرره قاله ابن التين وتعقب بأنه لا يلزم من مواظبته على مخالفة الطريق المواظبة على