في رواية كريمة وأبي الوقت على لدواب بصيغة الجمع. قال ابن رشيد أورد فيه الصلاة على الراحلة، فيمكن أن يكون ترجم بأعم، ليلحق الحكم بالقياس، ويمكن أن يستفاد ذلك من إطلاق حديث جابر المذكور في الباب، وقد تقدم في أبواب الوتر قول ابن المنير أنه ترجم بالدابة تنبيهًا على أن لا فرق بينهما وبين البعير في الحكم إلى آخر كلامه، وأشرنا هناك إلى ما ورد هنا بعد باب بلفظ الدابة.
قوله:"يصلي على راحلته" بين في رواية عقيل أن ذلك في غير المكتوبة، وسيأتي بعد باب، وكذلك لمسلم من رواية يونس عن الزهري بلفظ: السبحة. والراحلة هي الناقة التي تصلح لأن ترحل، وكذلك الرحول ويقال: الراحلة المركب من الإبل ذكرًا كان أو أنثى قاله الجوهري. وقال ابن الأثير: الراحلة من الإبل البعير القوي على الأسفار والأحمال، والذكر والأنثى فيه سواء، والهاء للمبالغة.
وقوله:"حيث توجهت به" هو أعم من قول جابر في غير القبلة. قال ابن التين: قوله: "حيث توجهت" مفهومه أنه يجلس على هيئته التي يركبها عليها. ويستقبل بوجهه ما استقبلته الراحلة. فقوله: توجهت به، يتعلق بقوله: يصلي وفي الرواية الآتية، وهو على الراحلة يسبح قبل أي وجه توجهت به، فصوب الطريق بدل من القبلة فلا يجوز له الانحراف عنه إلاَّ أن يكون إلى القبلة، فلا شيء عليه لأنها الأصل. وهذا خاص بالراكب للدابة خاصة دون الماشي ودون راكب السفينة.
وقاست الشافعية الماشي على الراكب ويشترط عند المالكية أن يكون سفر قصر، وحجتهم أن هذه الأحاديث إنما وردت في أسفاره -عليه الصلاة والسلام- ولم ينقل أنه سافر سفرًا قصيرًا، فصنع ذلك. وحجة الجمهور مطلق الأخبار في ذلك، وهذا بالإجماع في السفر، واختلفوا في الحضر كأن يخرج إلى ضيعة، مسيرتها ميل أو نحوه، فجوزه أبو يوسف والإصطخري من الشافعية، محتجين بعموم حديث الباب؛ لأنه لم يصرح فيه بذكر السفر، واحتج الجمهور بحديث ابن عمر الآتي فإنه مذكور فيه السفر، وكذلك في إحدى روايات مسلم.