وقوله: فيدفنها، بالرفع خبر لمبتدأ محذوف، أي فهو يدفنها، وبالنصب جواب الأمر، ويالجزم عطف على الأمر. قال ابن أبي جمرة: لم يقل يغطيها، لأن التغطية يستمر الضرر بها، إذ لا يأمن أن يجلس غيره عليها فتؤذيه، بخلاف الدفن، فإنه يفهم منه التعميق في باطن الأرض. وقال النوويّ: المراد بدفنها ما إذا كان المسجد ترابيًا أو رمليًا، فاما إذا كان مبلطًا مثلًا، فدلكها عليه بشيء مثلًا، فليس ذلك بدفن، بل زيادة في التقدير، لكن قال في الفتح: إذا لم يبق لها أثر البتة فلا مانع. وعليه يحمل حديث عبد الله بن الشخير المار "ثم دلكه بنعله" وحديث طارق المار أيضًا "بزق تحت رجله وَدَلك".
قال القَفّال في فتاويه: هذا الحديث محمول على ما يخرج من الفم أو ينزل من الرأس، أما ما يخرج من الصدر، فهو نجس, فلابد من دفنه في المسجد، وهذا على اختياره، لكن يظهر التفصيل فيما إذا كان طرفًا من قيء، وكذا إذا خالط البزاق دم.
[رجاله خمسة]
الأول: إسحاق بن نصر، وقد مرَّ في الحادي والعشرين من كتاب العلم، ومرَّ معمر بن راشد في متابعة الرابع من بدء الوحي، ومرَّ عبد الرزاق بن همام في الخامس والثلاثين من كتاب الإيمان, وكذلك همام بن منبّه، ومرَّ أبو هريرة في الثاني منه.
[لطائف إسناده]
فيه التحديث بصيغة الجمع في موضع، والإخبار كذلك، والعنعنة في موضعين، وفيه التصريح بسماع همام من أبي هريرة، وفيه عنعنة أبي هريرة، ورواته ما بين بخاريّ وصنعانيّ وبصريّ. ثم قال المصنف:
[باب إذا بدره البزاق فليأخذ بطرف ثوبه]
أنكر السروجيّ قوله "بدره" وقال: المعروف في اللغة بدرتُ إليه وبادرته،