للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الله -صلى الله عليه وسلم- وقفة بعرفة قبل الهجرة.

وهذا الأخير هو المعتمد كما تبين لك بالأدلة، وكأنه تبع السهيلي في ظنه أنها حجة الوداع أو وقع له اتفاقًا.

رجاله ستة قد مرّوا إلا جبيرًا:

مرَّ علي ابن المديني في الرابع عشر من العلم، ومرَّ عمرو بن دينار في الرابع والخمسين منه، ومرَّ ابن عيينة في الأول من بدء الوحي، ومرَّ مسدد في السادس من الإيمان، ومرَّ محمد بن جبير في الرابع والثلاثين من صفة الصلاة، والباقي جبير بن مطعم بن عدي بن نوفل بن عبد مناف بن قصي القرشي النوفلي، يكنى أبا محمد، وقيل: أبا عدي، أمه أم جميل بنت سعيد، من بني عامر بن لؤي، وقيل: أم حبيب بنت سعيد. قال مصعب الزبيري: كان جبير بن مطعم من حلماء قريش وساداتهم، وكان يؤخذ عنه النسب، وكان أنسب قريش لقريش وللعرب قاطبة، وكان يقول: إنما أخذت النسب عن أبي بكر الصديق، وكان أبو بكر رضي الله عنه أنسب العرب، وروى ابن إسحاق أن عمر حين أتى ينسب النعمان دعا بجبير بن مطعم أسلم يوم الفتح، وقيل: عام خيبر، وكان أتى النبي -صلى الله عليه وسلم- في فداء أسارى بدر كافرًا روي أنه قال: أتيت النبي -صلى الله عليه وسلم- لأكلمه في أسارى بدر، فوافقته وهو يصلي بأصحابه المغرب أو العشاء، فسمعته وهو يقرأ، وقد خرج صوته من المسجد: {إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ لَوَاقِعٌ (٧) مَا لَهُ مِنْ دَافِعٍ}، قال: فكأنما صدع قلبي، وفي رواية: سمعته يقرأ: {أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ}، إلى: {لَا يُوقِنُونَ}، فكاد قلبي يطير، فلما قضى صلاته كلمته في أسارى بدر، فقال: "لو كان الشيخ أبوك حيًا فأتانا فيهم شفّعناه"، وفي رواية: "لو أن أباك"، أو: "لو أن المطعم بن عدي كان حيًا ثم كلمني في هؤلاء النتنى لأطلقتهم له" فكان أول ما دخل الإيمان في قلبه سماعه لقراءة والطور، وكانت للمطعم عند رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يد، وكان من أشراف قريش، وإنما كان هذا القول منه -صلى الله عليه وسلم- في المطعم بن عدي لأنه هو الذي كان أجار رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حين قدم من الطائف من دعاء ثقيف، وكان أحد الذين قاموا في شأن الصحيفة التي كتبتها قريش علي بني هاشم، وكانت وفاة المطعم في صفر سنة اثنتين من الهجرة قبل بدر بنحو سبعة أشهر.

وذكر ابن إسحاق أن جبيرًا من المؤلفة الذين حسن إسلامهم، وأن النبي أعطاه مائة من الإبل، له عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ستون حديثًا اتفقا على ستة، وانفرد البخاري بحديث، ومسلم بآخر، روى عنه ابناه محمد ونافع وسليمان بن صرد وابن المسيب وطائفة، وروى عنه ابن

<<  <  ج: ص:  >  >>