قوله:"فقلت له" أي: في شأن السجدة يعني سألته عن حكمها وفي الرواية التي بعدها فقلت: ما هذه السجدة؟ وقوله:"سجدت" زاد غير أبي ذرٍّ بها أي: بالسجدة أو الباء للظرف يعني فيها أي: السورة، وفي الرواية الآتية لغير الكشميهنيّ سجدت فيها. وقوله:"خلف أبي القاسم -صلى الله عليه وسلم-" أي: في الصلاة وبه يتم استدلال المصنف لهذه الترجمة والتي بعدها وييان ذلك كونه علم محل السجود إذ لو لم يكن جهرًا لما علمه ونوزع المصنف في ذلك بأن سجوده في السورة أعم من أن يكون داخل الصلاة أو خارجها، فلا ينهض الدليل، ومشهور مذهب مالك أن تعمد قراءة سورة فيها سجدة مكروه في الفرض خاصة دون النفل، وإذا قرأها فيه ولو عمدًا سجد، ولو في وقت حرمة، لكن يقيد هذا بما إذا لم يتعمد قراءة السجدة في وقت النهي، وتجوز قراءتها في النفل.
قال ابن المنير: لا حجة في الحديث على مالك حيث كره السجدة في الفريضة في المشهور عنه؛ لأنه ليس مرفوعًا وغفل عن رواية أبي الأشعث عن معتمر بهذا الإسناد بلفظ: صليت مع أبي القاسم فسجد فيها. ودليل المالكية الحق على كراهة قراءتها في الفرض هو أنها ليس عليها عمل أهل المدينة. وفي حديث الباب دلالةٌ على ذلك إذ لو كانت فاشيةً شائعةً لم ينكرْ أبو رافع التابعي الكبير فعلها، وما ذلك إلا لأنه لم ير أحدًا من الصحابة فعله، ويأتي في أبواب سجود القرآن إنكارُ أبي سَلَمة على أبي هريرة سجودها بقوله له في الحديث: فقلت: يا أبا هريرة ألم أرك تسجد فإنه استفهام إنكار من أبي سَلَمة مشعر بأن العمل استمر على خلاف ذلك وما نقل عن ابن عبد البر من أنه قال: أي: عمل يدعى مع مخالفة النبي -صلى الله عليه وسلم- والخلفاء الراشدين بعده يجاب منه بأن هذا جرأة منه على إمام الأئمة وإمام المدينة الإِمام مالك فإن مالكًا لا يقبل من عمل أهل المدينة ويعتمد عليه إلا عمل الخلفاء الراشدين لأنهم يعلمون الأحدث فالأحدث من أفعاله -صلى الله عليه وسلم-، ويعملون بها.
وقوله:"حتى ألقاه" كناية عن الموت لأن يحصل اللقاء معه عليه الصلاة والسلام.