العموم من رواية آدم، وفيه رد على من زعم أن ذلك خاص بالميتين المذكورين، لغيب أطلع الله نبيَّه عليه، وإنما هو خبر عن حكم أعلمه الله به. وقوله: أنتم شهداء الله في الأرض، أي المخاطبون بذلك من الصحابة، ومن كان على صفتهم من الإِيمان.
وحكى ابن التين أن ذلك مخصوص بالصحابة, لأنهم كانوا ينطقون بالحكمة بخلاف من بعدهم. قال: والصواب أن ذلك يختص بالمتقيات والمتقين. وسيأتي في الشهادات بلفظ "المؤمنون شهداء الله في الأرض". ولأبي داود عن أبي هُريرة في نحو هذه القصة "إن بعضكم على بعض لشهيد" وسيأتي مزيد بسط في الكلام على الحديث الذي بعده.
قال النوويّ: والظاهر أن الذي أثنوا عليه شرًا كان منافقًا لما رواه أحمد عن أبي قتادة بإسناد صحيح، أنه صلى الله تعالى عليه وسلم "لم يصل على الذي أثنوا عليه شرًا، وصلى على الآخر".
رجاله أربعة قد مرّوا، مرَّ آدم وشعبة في الثالث من الإِيمان, ومرَّ عبد العزيز بن صهيب في الثامن منه، وأنس في السادس منه، وفي الحديث لفظ جنازة مبهمة، ولم أقف على تسميتها.
قوله: حدثنا عفان، كذا للأكثر، وذكر أصحاب الأطراف أنه أخرجه قائلًا فيه "قال عفان" وبذلك جزم البيهقيّ، وقد وصله أبو بكر بن أبي شيبة في مسنده عن عفان، ومن طريقه أخرجه الإِسماعيليّ وأبو نعيم، فقوله: وقد وقع بها مرض، زاد المصنف في الشهادات "وهم يموتون موتًا ذريعًا، وهو بالذال المعجمة، أي: سريعًا.
وقوله: فأثني على صاحبها خيرًا، كذا في جميع الأصول "خيرًا" بالنصب، وكذا "شرًا"، وقد غلط من ضَبط أُثْنِي، بفتح الهمزة على البناء للفاعل، فإنه في جميع الأصول مبني للمفعول، قال ابن التين: والصواب الرفع، وفي نصبه بعد في اللسان، ووجهه غيره بأن الجار والمجرور أقيم مقام المفعول الأول، وخيرًا مقام الثاني. وهو جائز وإن كان المشهور عكسه.