أول من كساها الديباج الأبيض المأمون بن الرشيد، واستمر بعده، وكسيت في أيام الفاطميين الديباج الأبيض، وكساها محمد بن سبكتكين ديباجًا أصفر، وكساها الناصر العباسي ديباجًا أخضر، ثم كساها ديباجًا أسود، فاستمر إلى الآن، وقد ذكر بعضهم حكمة حسنة في سواد كسوة الكعبة، فقال: كأني يشير إلى فقد أناس كانوا حوله، فلبس السواد حزنًا عليهم، وهذه الحكمة في غاية المناسبة لآخر الزمان، ولم تزل الملوك تتداول كسوتها إلى أن وقف عليها الصالح بن إسماعيل بن الناصر محمد بن قلاوون في سنة ثلاث وأربعين وسبعمائة قرية من نواحي القاهرة يقال لها: ببسوس، كان اشترى الثلثين منها من وكليل بيت المال، ثم وقفها كلها على هذه الجهة، فاستمر ولم تزل تكسى من هذا الوقف إلى سلطنة الملك المؤيد شيخ سلطان العصر، فكساها من عنده سنة لضعف وقفها، ثم فوض أمرها إلى بعض أمنائه، وهو القاضي زين الدين عبد الباسط بسط الله له في رزقه وعمره، فبالغ في تحسينها بحيث يعجز الواصف عن صفة حسنها، جزاه الله على ذلك أفضل الجزاء، وحاول ملك الشرق شاه روخ في سلطنة الأشرف برسباي أن يأذن له في كسوة الكعبة، فامتنع، فعاد راسله أن يأذن له أن يكسوها من داخلها فقط، فأبى، فعاد راسله أن يرسل الكسوة إليه ويرسلها إلى الكعبة، ويكسوها ولو يومًا واحدًا، واعتذر بأنه نذر أن يكسوها ويريد الوفاء بنذره، فاستفتى أهل العصر، فتوقفت عن الجواب، وأشرف إلى أنه إن خشي منه الفتنة فيجاب دفعًا للضرر وتسرع جماعة إلى عدم الجواز، ولم يستندوا إلى طائل، بل إلى موافقة هوى السلطان، ومات الأشرف على ذلك.
رجاله ثمانية، قد مرّوا إلا شيبة:
مرَّ عبد الله بن عبد الوهاب في السادس والأربعين من العلم، ومرَّ خالد بن الحارث في تعليق بعد الثاني من استقبال القبلة، ومرَّ قبيصة وسفيان الثوري في السابع والعشرين من الإِيمان، ومرَّ واصل الأحدب في الثالث والعشرين منه، ومرَّ أبو وائل في الحادي والأربعين من الإيمان, ومرَّ واصل الأحدب في الثالث والعشرين منه، ومرَّ أبو وائل في الحادي والأربعين منه، ومرَّ عمر بن الخطاب في الأول من بدء الوحي، الثامن شيبة بن عثمان وهو الأوقص بن أبي طلحة بن عبد الله بن عبد العزى بن عبد الداربن قصي القرشي العبدري أبو عثمان أو أبو صفية أمه أم جميل هند بنت عمير بن هاشم بن عبد مناف بن عبد الدار أخت مصعب بن عمير، أسلم يوم الفتح، وقتل أبوه يوم أحد كافرًا، قتله علي بن أبي طالب، ولبنته صفية بنت شيبة صحبة، وكان شيبة ممن ثبت يوم حنين بعد أن كان أراد أن يغتال النبي -صلى الله عليه وسلم-,