وهذا الحديث يأتي سياقه في الباب الذي يليه أصرح اتصالًا من هذا، وشاهد الترجمة منه قوله في الحديث "فلم يوجد له" لأن ظاهره أنه لم يوجد ما يملكه، إلا البُرد المذكور. وفي رواية الأكثر "إلا بُرْدهُ، بالضمير العائد عليه، وفي رواية الكَشْميهنيّ""إلاَّ بُرْدَةً" بلفظ واحدة البرود، وفي حديث خَبّاب في الباب الذي بعده بلفظ "ولم يترك إلا نمرة".
واختلف فيما إذا كان عليه دَيْن مستغرق، هل يكون كفنه ساترًا لجميع بدنه أو للعورة فقط؟ المرجح الأول، ونقل ابن عبد البَرّ الإجماع عَلى أنه لا يجزىء ثوب واحد يصف ما تحته من البدن. وقوله:"وكان خيرًا مني" لعله قال ذلك تواضعًا، ويحتمل أن يكون ما استقر عليه الأمر من تفضيل العشيرة على غيرهم، بالنظر إلى مَنْ لم يُقْتَل في زمن النبي -صلى الله عليه وسلم-.
وقد وقع من أبي بكر الصديق نظير ذلك، فذكر ابن هشام: إن رجلًا دخل على أبي بكر الصديق، وعنده بنت سعد بن الربيع، وهي صغيرة، فقال: من هذه؟ فقال:"هذه بنت رجل خير مني"، سعد بن الربيع كان من نقباء العَقَبة، شهد بدرًا واستشهد يوم أحد.
وقوله: خشيت أن تكون عُجَّلَتْ لنا طيباتنا في حياتنا الدنيا، وفي رواية المغازي "أن تكون حسناتنا قد عجلت لنا" وفي رواية نوفل بن إلياس "ولا أرادنا أُخِّرتا لما هو خير لنا". وقوله: أو رجل آخر، قال في الفتح، لم أقف على اسمه، ولم يقع في أكثر الروايات إلا بذكر حمزة ومصعب فقط، وكذا أخرجه أبو نعيم في مستخرجه عن منصور بن أبي مُزاحم عن إبراهيم بن سعد.
قال الزين بن المنير: يستفاد من قصة عبد الرحمن إيثار الفقر على الغنى، وإيثار التخلي للعبادة على الاكتساب، فلذلك امتنع من تناول ذلك الطعام مع أنه كان صائمًا.
[رجاله خمسة]
قد مرّوا إلا إبراهيم بن عبد الرحمن، مرَّ أحمد بن محمد أبو الوليد، وأبو محمد، في الحادي والعشرين من الوضوء، ومرَّ سعد بن إبراهيم في السابع والأربعين منه، ومرَّ ولده إبراهيم بن سعد في السادس عشر من الإيمان, ومرَّ عبد الرحمن بن عوف في السابع والخمسين من الجمعة.
والباقي إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف الزُّهريّ، أبو إسحق، وقيل: أبو محمد، وقيل أبو عبد الله المَدَنِيّ، أمه أم كلثوم بنت عُقبة بن أبي مُعَيط. قال العجلي: تابعي ثِقة وقال يعقوب بن شيبة: كان ثقة يُعدُّ في الطبقة الأولى من التابعين. ولا نعلم أحدًا من وَلَد عبد الرحمن روى عن عمر سماعًا غيرَه. وذكره ابن حِبّان في ثقات التابعين.