وأخرجه ابن ماجَه وابن حِبّان عن عبد الله بن عَوْن عن أَنَس بن سيرين عن عبد الحميد عن أَنَس، فاقتضى ذلك أنّ في رواية البخاريّ هنا انقطاعًا، وهو مندفع بتصريح أنس بن سيرين عنده هنا، بسماعه من أنس، وحينئذ رواية ابن ماجَه ومن معه إما من المزيد في متصل الأسانيد، وإما أن يكون فيها وهم، لكون ابن الجارود كان حاضرًا عنده لما حدث بهذا الحديث، وسأله عما سأله من ذلك، فظن بعض الرواة أن له فيه رواية.
وقوله: ما رأيته صلاها إلا يومئذ، وقد مرَّ الكلام مستوفى غاية الاستيفاء على صلاة الضحى، عند حديث أم هانىء في باب الصلاة في الثوب الواحد، في أوائل الصلاة، ومطابقة هذا الحديث للترجمة، إما من جهة ما يلزم من الرخصة لمن له عذر أن يتخلف عن الحضور، فإن ضرورة مواظبته -صلى الله عليه وسلم- على الصلاة بالجماعة أن يصلي بمن بقي، وإما من جهة ما ورد في طريق عبد الحميد المذكورة سابقًا حيث قال أنس: فصلى وصلينا معه، فإنه مطابق لقوله "وهل يصلي بمن حضر" وليس فيه ذكر للخطبة، ولا يلزم أن يدل كل حديث في الباب على كل ما في الترجمة.
[رجاله أربعة]
وفيه ذكر لفظ رجل مبهم مرتين، وقد مروا إلا أنَسَ بن سيرين، ومرآدَم وشُعْبَة في الثالث من الإيمان، ومرَّ أنَسُ بن مالك في السادس منه.
وأنس بن سِيرين أخو محمد بن سِيرين مولى أنس بن مالك، كنيته أبو موسى، ولد لسنة أو سنتين بقيتا من خلافة عثمان. ودخل على زيد بن ثابت. قال ابن مَعين: وَلَدُ سيرين ستة أثبتهم محمد، وأنس دونه، ولا بأس به. وقال ابن مَعين وأبو حاتم والنَّسائيّ: ثقه. وقال ابن سَعْد: توفي بعد أخيه محمد، وكان ثقة قليل الحديث، وقال العِجْليّ: تابعيّ ثقة، وسئل ابن المَدينِيّ عن حديث رواه شُعبة عن أنَس بن سِيرين قال: رأيت القاسم يتطوع في السفر، قال: ليس هذا بشيء، لم يرو أنس عن القاسم شيئًا. روى عن مولاه وابن عباس وابن عمر وجُنْدُب البَجْليّ، وروى عنه شُعبة والحمّادان وابن عَوْن وخالد