ومرَّ مهاجر وزيد بن وهب في الثالث من هذا الكتاب، ومرَّ أبو ذَرّ الغِفاريّ في الثالث والعشرين من الإيمان.
ثم قال: وقال ابن عباس رضي الله تعالى عنهما: تتفيّأ: تتميل، كأنه أراد أن الفيء مسمى بذلك، لأنه ظل مائل من جهة إلى أخرى، و"تتفيأ" في الرواية بالمثناة الفوقانية، أي: الظلال، وقرىء أيضًا بالتحتانية، أي: الشيء، والقراءتان شهيرتان، وابن عباس مرّ في الخامس من بدء الوحي، وتعليقه هذا وصله ابن أبي حاتم في تفسيره.
ثم قال المصنف:
بابٌ وقت الظهر عند الزوال
باب بالتنوين، أي: ابتداء وقت الظهر عند زوال الشمس، أي: ميلها إلى جهة المغرب، وأشار بهذه الترجمة إلى الرد على من زعم من الكوفيين أن الصلاة لا تجب بأول الوقت، ونقل ابن بطال أن الفقهاء بأسرهم على خلاف ما نُقل عن الكرخيّ، عن أبي حنيفة أن الصلاة في أول الوقت تقع نفلًا، والمعروف عند الحنفية تضعيف هذا القول، وأن الصلاة تجب في أول الوقت وجوبًا موسعًا فيه. ونقل بعضهم أن أول الظهر إذا صار الفيء قدر الشراك.
ثم قال: وقال جابر: كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يصلي بالهاجرة، والهاجرة: اشتداد الحر في نصف النهار، سميت بذلك من الهَجْر، وهو الترك، لأن الناس يتركون التصرف حينئذ، ويَقيلون لشدة الحر. وجابر مرّ في الرابع من بدء الوحي، وهذا التعليق طرف من حديث جابر، ذكره البخاري موصولًا في باب وقت المغرب.