للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فهذه المحبة ليست باعتقاد الأعظمية فقط، فإنها كانت حاصلة لعُمر قبل ذلك، وإنما قدم عمر حب نفسه أولًا لأن حب الإِنسان نفسه طبع وحب غيره اختيار بتوسط الأسباب، وإنما أراد عليه الصلاة والسلام منه حب الاختيار إذ لا سبيل إلى قلب الطباع عما جُبِلَتْ عليه، فجواب عُمر أولًا كان بحسب الطبع، ثم لما تأمل عرف بالاستدلال أن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم أحب إليه من نفسه لكونه السبب في نجاتها من الهَلَكات في الدنيا والآخرة، فأخبر بما اقتضاه الاختيار، فلذلك حصل الجواب بقوله: "الآن يا عُمر" أي: الآن عرفت، فنطقت بما يَجِبُ، ومن علامة الحب المذكور أن يعرض على المرء أن لو خُيِّرَ بين فقد غرض من أغراضه، وفقد رؤية النبي - صلى الله عليه وسلم - لو كانت ممكنة يكون فقدها أشد عليه من فقد شيءٍ من أغراضه، فمن كان بهذه الصفة كان متصفًا بالأحَبِّيّة المذكورة، ومن لا فلا، ومن علامتها أيضًا نصرة سنته، والذب عن شريعته، وقمع مخالفيها، ويدخل فيه باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وفي الحديث إيماء إلى فضيلة التفكر، فإن الأحَبّيَّة المذكورة تعرف به.

[رجاله خمسة]

الأول: أبو اليَمان الحكم بن نافع.

والثاني: شُعيب بن أبي حَمْزة، وقد مرّا في الحديث السابع من بدء الوحي.

الثالث: عبد الله بن ذَكْوان القُرَشِيّ أبو عبد الرحمن المَدَني المعروف بأبي الزِّناد، مولى رملة، وقيل: عائشة بنت شَيْبة بن ربيعة، وقيل: عائشة بنت عثمان، وقيل: مولى آل عثمان، وقيل: إن أباه كان أخا أبي لُؤلؤة، قاتِل عمر.

وقال ابن عُيَيْنة: كان يغضب من أبي الزِّناد. وقال ابن المَدِيني: لم يكن بالمدينة بعد كبار التابعين أعلم منه ومن ابن شِهاب، ويحيى بن

<<  <  ج: ص:  >  >>