بنجاسة الماء المستعمل إذا علله بأنه مضاف، قيل له: إنه مضاف إلى طاهر لم يتغير به، وكذلك الماء الذي خالطه الريق طاهر لحديث المجّة، وأما من علله منهم بأنه ماء الذَّنوب، فيجب إبعاده محتجًّا بالأحاديث الواردة في ذلك عند مسلم وغيره، فأحاديث الباب أيضًا تردُّ عليه؛ لأن ما يجب إبعاده لا يُتَبَرَّك به، ولا يُشرب.
قال ابن المُنذر: وفي إِجماع أهل العلم على أن البلل الباقي على أعضاء المتوضىء، وما قطر منه على ثيابه طاهر، دليل قوي على طهارة الماء المستعمل.
قلت: ما أجاب به العيني من أن القائل بنجاسة محلّه عنده في المتقاطر عن الأعضاء على غير الثوب، جواب لا يَخْفى بطلانُه، فكيف يكون الشيء الواحد بعضه طاهر وبعضه نجس, فما دام على العضو يكون طاهرًا، وعند نزوله عنه ينجس, فهذا غير معقول.
[رجاله أربعة]
الأول: عبد الرحمن بن يونُس بن هاشم الرُّومي أبو مسلم المُسْتَملي البغدادي مولى أبي جعفر المنصور.
قال أبو حاتم: صدوق. وقال ابن حِبّان في "الثقات": كان صاعقة لا يُحمد أمره. وقال السّرّاج: سألت أبا يحيى محمد بن عبد الرحمن عنه فلم يرضَه، وأراد أن يتكلَّم فيه، ثم قال: أستغفر الله. فقلت له: في الحديث؟ فقال: نعم، وشيء آخر. وقال أبو داود: كان يجوِّزُ حدَّ المستحلّين للشُّرب. قال الخطيب: أحسب أن هذا هو الذي كنّى عنه محمد بن عبد الرحمن. وقال ابن سعد: استملى على ابن عُيينة ويزيد بن هارون، ورحل في طلب الحديث.
وفي "التهذيب": إن البخاري روى عنه أربعة أحاديث. وقال في "المقدمة": إنه لم يرو له إلا حديثًا واحدًا في الوضوء من "مسند" السائب بن يزيد، بمتابعة إبراهيم بن حمزة وغيره، عن حاتم بن إسماعيل، فانظرهما.