وقالت المالكية والحنابلة تسن بالصحراء إلا بمكة فبالمسجد الحرام لكون نظر الكعبة عبادة فيجمع بين العبادتين.
وقال الشافعية: فعلها في المسجد الحرام وبيت المقدس أفضل من الصحراء تبعًا للسلف والخلف؛ ولشرفهما ولسهولة حضورهما ولوسعهما وفعلها في سائر المساجد إن اتسعت أو حصل مطر أو نحره كثلج أولى لشرفها ولسهولة الحضور إليها مع وسعها في الأول ومع العذر في الثاني، فلو صلى في الصحراء كان تاركًا للأولى مع الكراهة في الثاني دون الأول وإن ضاقت المساجد ولا عذر، كره فعلها فيها للمشقة بالزحام وخرج إلى الصحراء واستخلف في المسجد من يصلي بالضعفاء كالشيوخ والمرضى ومن معهم من الأقوياء؛ لأن عليًا رضي الله تعالى عنه استخلف أبا مسعود الأنصاري في ذلك رواه الشافعي بإسناد صحيح. من القسطلاني.
وفي الحديث من الفوائد:
بنيان المنبر، قال ابن المنير: إنما اختاروا أن يكون من اللبن لا من الخشب؛ لكونه يترك في الصحراء في غير حزر فيؤمن عليه النقل بخلاف منبر الخشب.
وفيه أن الخطبة على الأرض عن قيام في المصلى أولى من القيام على المنبر، والفرق بينه وبين المسجد أن المصلي يكون بمكان فيه فضاء فيتمكن من رؤيته كل من حضر بخلاف المسجد فإنه يكون في مكان محصور فقد لا يراه بعضهم.
وفيه إنكار العالم على الأمراء إذا صنعوا ما يخالف السنة.
وفيه حلف العالم على صدق ما يخبر به، والمباحثة في الأحكام، وجواز عمل العامل بخلاف الأولى إذا لم يوافقه الحاكم على الأولى؛ لأن أبا سعيد حضر الخطبة ولم ينصرف، فيستدل به على أن البداءة بالصلاة فيها ليس بشرط في صحتها.
قال ابن المنبر: حمل أبو سعيد فعل النبي عليه الصلاة والسلام على التعيين، وحمله مروان على الأولوية، واعتذر عن ترك الأولى بما ذكره من تغير حال الناس فرأى أن المحافظة على أصل السنة وهو إسماع الخطبة أولى من المحافظة على هيئة فيها ليست من شرطها.
[رجاله خمسة]
وفيه ذكر مروان وكثير بن الصلت وقد مرّ الجميع: مرّ سعيد بن أبي مريم في الرابع والأربعين من "العلم" ومرّ محمد بن جعفر وعياض في التاسع من الحيض، ومرّ زيد بن أسلم في الثاني والعشرين من "الإيمان"، ومرّ أبو سعيد في الثاني عشر منه، ومرّ مروان بن الحكم في الرابع والخمسين من "الوضوء"، ومرّ كثير بن الصلت في الثلاثين والمائة من كتاب "صفة الصلاة". ثم