بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّهَا أَخْبَرَتْهُ أَنَّهَا سَمِعَتْ عَائِشَةَ رضي الله عنها زَوْجَ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَتْ: إِنَّمَا مَرَّ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- عَلَى يَهُودِيَّةٍ يَبْكِي عَلَيْهَا أَهْلُهَا فَقَالَ نَّهُمْ لَيَبْكُونَ عَلَيْهَا، وَإِنَّهَا لَتُعَذَّبُ فِي قَبْرِهَا.
قوله إنما مرَّ، كذا أخرجه عن مالك مختصرًا، وهو في الموطأ بلفظ "ذكر لها أن عبد الله بن عمر يقول: إن الميت يعذب ببكاء الحي عليه، فقالت عائشة: يغفر الله لأبي عبد الرحمن، أنّه لم يكذب، ولكنه نسى أو أخطأ، إنما مرَّ" وكذا أخرجه مسلم، وأخرجه أبو عُوانة عن عبد الله بن أبي بكر كذلك، وزاد أن ابن عمر لما مات رافع بن خَديج قال لهم: لا تبكوا عليه فإن بكاء الحيّ على الميت عذابٌ على الميت. قالت عمرة: فسألتُ عائشة عن ذلك، فقالت: يرحمه الله، إنما مرَّ، فذكرت الحديث.
وقد مرَّ في الحديث الذي قبله جواب القرطبيّ عما قالته عائشة في هذا الحديث.
[رجاله ستة]
قد مرّوا، مرَّ عبد الله بن يوسف ومالك وعائشة في الثاني من بدء الوحي، ومرَّ أبو بكر في تعليق بعد الأربعين من العلم، ومرَّ ولده عبد الله في الرابع والعشرين من الوضوء، ومرت عَمرة بنت عبد الرحمن في الثاني والثلاثين من الحيض. والحديث أخرجه مسلم.
قوله: واأخاه، أخرجه مسلم بأتم من هذا السياق، وفيه قول عمر: علامَ تبكي؟ وقوله: لَيُعذب ببكاء الحيّ، الظاهر أن الحي من يقابل الميت، وهل للحي مفهوم حتى أنه لا يعذب ببكاء غير الحيّ؟ وهل يتصور البكاء من غير الحي؟ ويكون احتراز بالحي عن الجمادات، لقوله تعالى:{فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ} فمفهومه أن السماء والأرض يقع منهما البكاء على غيرهم، وعلى هذا فيكون هذا بكاءًا على الميت، ولا عذاب عليه بسببه اجماعًا.
وقد روى ابن مَرْدوَيَه في تفسيره عن يزيد الرَّقاشِيّ عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "ما من مؤمن إلا له بابان في السماء، باب يخرج منه رزقه، وباب يدخل فيه كلامه. وعمله، فإذا مات فقداه وبكيا عليه،