قد أورد المصنّف حديث أنس: إنما جعل الأمام ليؤتم به من وجهين، ثم حديث أبي هريرة في ذلك، واعترضه الإسماعيلي، فقال: ليس في الطريق الأول ذكر التكبير ولا في الثاني والثالث بيان إيجاب التكبير، وإنما فيه الأمر بتأخير تكبير المأموم عن الإمام. قال: ولو كان ذلك إيجاباً للتكبير لكان قوله: فقولوا ربنا ولك الحمد، إيجاباً لذلك على المأموم، وأجيب عن الأول بأن مراد المصنّف أن يبين أن حديث أنس من الطريقين واحد اختصره شعيب وأتمّه الليث، وإنما احتاج إلى ذكر الطريق المختصرة لتصريح الزهري فيها بأخبار أنس له، وعن الثاني بأنه -صلى الله عليه وسلم- فعل ذلك وفعله بيان لمحل الصلاة وبيان الواجب واجب، كذا وجهه ابن رشيد وتعقب بالاعتراض الثالث وليس بوارد على البخاري لاحتمال أن يكون قائلًا بوجوبه كما قال به شيخه إسحاق بن راهويه.
وقيل في الجواب أيضًا، إذا ثبت إيجاب التكبير في حالة من الأحوال طابق الترجمة ووجوبه على المأموم ظاهر من الحديث وأما لإمام فمسكوت عنه، ويمكن أن في السياق إشارة إلى الإيجاب لتعبيره بإذا التي تختص بما يجزم بوقوعه، وأجاب العيني عن اعتراض الإسماعيلي بأن الكل من حديثي شعيب والليث عن الزهري عن أنس حديث واحد.
وقد ذكر في حديث الليث: وإذا كبّر فكبّروا، وهو مقدر في حديث شعيب, لأنّ قوله إذا ركع فاركعوا يستدعي سبق التكبير بلا شك، والمقدر كالملفوظ فيظهر التطابق بين ترجمة الباب وحديثه لأن الأمر بالتكبير صريح في أحدهما مقدر في الآخر، والأمر به للوجوب فدل على الجزء الأول من الترجمة وهو قوله: باب إيجاب التكبير بالمطابقة، وعلى الثاني وهو قوله: وافتتاح الصلاة باللزوم لأن التكبير في أول الصلاة لا يكون إلا عند افتتاحها، وافتتاحها هو الشروع فيها، قال: فبهذا عرفت أن اعتراض الإسماعيلي على البخاري ليس بشيء، وعرفت أن قول صاحب التلويح وافتتاح