قوله:"لا تُقبل صلاةٌ" بالضم على البناء لما لم يسم فاعله، وأخرجه المصنف في ترك الحيل، أبو داود بلفظ:"لا يقبل الله"، والمراد بالقَبول هنا ما يرادِف الصحة، وهي موافقة الأمر ذي الوجهين الشرع، والإِجزاء أخص منها لاختصاصه بالعبادات. وحقيقة القَبول ثمرة وقوع الطاعة مجزئةً رافعةً لما في الذمة، والثمرة هي حصول الثواب الذي لا يعلمه إلا الله، ولما كان الإِتيانُ بشروطها مظِنّة الإِجزاء الذي القبول ثمرته، عبر عنه بالقبول مجازًا.
وأما القبول المنفي في مثل قوله صلى الله تعالى عليه وسلم:"مَنْ أتى عرّافًا لم تُقبل له صلاةٌ" فهو الحقيقي, لأنه قد يصح العمل ويتخلف القبول لمانع، ولهذا كان بعض السلف يقول: لأن تُقبل لي صلاة واحدة أحب إليَّ من جميع الدنيا، قاله ابن عمر، قال: لأن الله تعالى قال: {إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ}[المائدة: ٢٧].
وقوله:"مَنْ أحدثَ" أي: وُجد منه الحدث، والمراد به الخارج من أحد السبيلين مطلقًا، لما مر أنه أحد إطلاقاته، وإنما فسره أبو هريرة بأخص من ذلك، تنبيهًا بالأخف على الأغلظ، ولأنهما قد يقعان في أثناء الصلاة أكثر من غيرهما، وأما باقي الأحداث المختلف فيها بين العلماء كمسِّ الذكر، ولمس المرأة، والقيء ملءِ الفم، والحجامة، فلعل أبا هريرة كان لا يرى النقض بشيء