الثاني منه، ومرَّ مالك في الثاني من بدء الوحي، ومرَّ نعيم المجمر في الثاني من الوضوء، أخرجه البخاري أيضاً في الفتن، ومسلم في الحج والنسائي فيه. وفي الطب.
قوله:"ليس من بلد إلا سيطؤه الدجال" هو على ظاهره وعمومه عند الجمهور، وشذ ابن حزم فقال: المراد ألا يدخله بعثه وجنوده، وكأنه استبعد إمكان دخول الدجال جميع البلاد، لقصر مدته، وغفل عما ثبت في صحيح مسلم أن بعض أيامه يكون قدر السنة، وفي رواية شيبان عن أنس في الفتن:"يجيء الدجال، حتى ينزل في ناحية المدينة" وفي حديث أبي سعيد التالي لهذا: "ينزل بعض السباخ التي بالمدينة"، وفي رواية حماد بن سلمة، عن إسحاق، عن أنس:"فيأتي سبخة الجرف، فيضرب رواقه، فيخرج إليه كل منافق، ومنافقة" والجرف -بضم الجيم والراء بعدها فاء- مكان بطريق المدينة من جهة الشام على ميل، وقيل: على ثلاثة أميال، والمراد بالرواق الفسطاط، ولابن ماجه:"نزل عند الطريق الأحمر عند منقطع السبخة".
وقوله:"ثم ترجف المدينة بأهلها ثلاث رجفات" أي: تحصل لها زلزلة بعد أخرى، ثم ثالثة، حتى يخرج منها من ليس مخلصًا في إيمانه، ويبقى بها المؤمن الخالص، فلا يسلط عليه الدجال، ولا يعارض هذا ما في حديث أبي بكرة الماضي أنه لا يدخل المدينة رعب الدجال، لأن المراد بالرعب ما يحصل من الفزع من ذكره، والخوف من عتوه، إلا الرجفة التي تقع بالزلزلة؛ لإخراج من ليس بمخلص، وحمل بعض العلماء الحديث الذي فيه:"أنها تنفي الخبث" على هذه الحالة دون غيرها، وقد تقدم أن الصحيح في معناه أنه خاص بناس وبزمان، فلا مانع أن يكون هذا الزمان هو المراد، ولا يلزم من كونه مرادًا نفي غيره، وفي حديث محجن بن الأدرع عند أحمد والحاكم رفعه:"يجيء الدجال، فيصعد أحدًا فيتطلع فينظر إلى المدينة فيقول لأصحابه: ألا تروا إلى هذا القصر الأبيض هذا مسجد أحمد، ثم يأتي المدينة، فيجد بكل نقب من نقابها ملَكًا مصلتًا سيفه، فيأتي سبخة الجرف، فيضرب رواقه، ثم ترجف المدينة ثلاث رجفات، فلا يبقى منافق ولا منافقة، ولا فاسق ولا فاسقة إلا خرج إليه، فتخلص المدينة فذلك يوم الخلاص، وفي حديث أبي الطفيل عن حذيفة بن أسيد الذي تقدمت الإشارة إليه أول الباب، "وتطوى له طي فروة الكبش حتى يأتي المدينة فيغلب