قوله: عن أبيه، أي: أبي الشعثاء. ووافق أبا الأحوص على هذا الإسناد شيبان عند ابن خزيمة، وزائدة عند النَّسائي ومسعر عند ابن حبّان وخالفهم إسرائيل فرواه عن أشعث عن أبي عطية عن مسروق. وعند البيهقي عن مِسْعَر عن أشعث عن أبي وائل. فهذا اختلاف على أشعث والراجح رواية أبي الأحوص.
وقد رواه النَّسائي عن عمارة بن عمير عن أبي عطية عن عائشة ليس بينهما مسروق. ويحتمل أن يكون للأشعث فيه شيخان أبو وأبو عطية بناء على أن يكون أبو عطية حمله من مسروق. ثم لقي عائشة فحمله عنها. وأمّا الرواية عن أبي وائل فشاذة لأنه لا يعرف من حديثه.
وقوله: هو اختلاس أي: اختطاف بسرعة. وفي النهاية: الاختلاس: افتعال من الخلسة وهو ما يؤخذ سلبًا مكابرة وفيه نظر. وقال غيره: المختلس: الذي يخطف من غيره غلبة ويهرب ولو مع معاينة المالك له، والناهب يأخذ بقوة، والسارق يأخذ بخفية. فلما كان الشيطان قد يشغل المصلّي عن صلاته بالالتفات إلىِ شيء ما بغير حجة يقيمها أشبه المختلس. وقال ابن بزيزة: أضيف إلى الشيطان لأن فيه انقطاعاً عن ملاحظة التوجّه إلى الحق سبحانه.
وقال الطيبي: سمّي اختلاسًا تصويرًا لقبح الفعلة بالمختلس؛ لأن المصلّي يقبل عليه الربّ سبحانه وتعالى، والشيطان مرتصد له ينتظر ذوات ذلك عليه، فإذا التفت اغتنم الشيطان تلك الفرصة فسلبه تلك الحالة.
وقوله: يختلس الشيطان كذا للأكثر بحذف المفعول، وللكشميهني يختلسه، وهي رواية أبي داود عن مسدد شيخ البخاري. وكان المصنّف أشار إلى أن علّة كراهة الالتفات كونه يؤثر في الخشوع كما وقع في قصة الخميصة. وكذا ذكر حديثها عقب حديث الالتفات، ويحتمل أن يكون أراد أن ما لا يستطاع دفعه معفو عنه؛ لأن لمح العين يغلب الإنسان. ولهذا لم يعد النبي -صلى الله عليه وسلم- تلك الصلاة. وقيل: الحكمة في جعل سجود السهو جابرًا للمشكوك فيه دون الالتفات وغيره مما ينقص الخشوع؛ لأن السهو لا يؤاخذ به المكلف، فشرع له الجبر دون العمد ليتيقظ العبد له فيجتنبه.