للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأخرجه في "الأدب المفرد" من هذا الوجه بلفظ: "وحتى أن يُقذف في النار أحبّ إليه من أن يرجِع في الكفر بعدَ إذ أنقذه الله منه" وهي أبلغ من لفظ حديث الباب، لأنه سوى فيه بين الأمرين، وهُنا جعل الوقوع في نار الدنيا أولى من الكفر الذي أنقذه الله بالخروج منه من نار الأخرى.

قلت: وهذا هو الواجب على كل عاقل, لأن عذاب نار الدنيا غير مستمر، منقطع بالموت، وحَرّ نار الدنيا جزء من مئة جزء من نار الآخرة كما في الحديث الصحيح، وصرح النّسائي والإسماعيلي في روايتيهما لهذا الحديث بسماع قَتادة له من أنس، فانتفت تهمة تدليسه، واستدل به على فضل من أكره على الكفر، فترك البتّة إلى أن قُتِل.

قال الشيخ مُحي الدين: هذا حديث عظيم، أصل من أصول الدين.

قال في "الفتح" فيه إشارة إلى التَّحَلّي بالفضائل، والتخلي عن الرَّذائل، فالأول من الأول، والأخير من الثاني، وفي الثاني حث على التحابب في الله.

[رجاله خمسة]

الأول: محمَّد بن المُثَنّى بلفظ المفعول من التثنية بالمثلثة ابن عُبيد ابن قَيْس بن دِينار أبو موسى البَصْريّ الحافظ المعروف بالزَّمِن.

قال الخطيب: كان ثقة ثبتًا احتج سائر الأئمة بحديثه. وقال محمَّد بن يَحْيى: حجة. وقال أبو حاتم: صالح الحديث، صدوق. وقال النَّسائي: لا بأس به. وقال ابن مَعين: ثقة. وقال أبو سعيد الهَرَوِيّ: سألت الذُّهليّ عنه، فقال: حجة. وقال صالح بن مُحمد: صدوق اللهجة، وكان في عَقله شيء، وكنت أقدمه على بُندار. وقال أبو عَروبة: ما رأيت بالبصرة أثبت من أبي موسى ويَحْيى بن حَكيم. وقال أبو الحسن السِّمناني: كان أهل البصرة يقدمون أبا موسى على بُندار، والغرباء يقدمون بُنْدارًا. وقال ابن خِراش: حدثنا محمَّد بن المُثنى وكان من الأثبات. وذكره ابن حبان

<<  <  ج: ص:  >  >>